سورة الرعد
  كانوا يفتحون البلاد ويتوسعون في بلاد الكفر حتى وصلوا إلى أطراف بعيدة، وقريش لا زالت على كفرها وتمردها مع ما تراه من ذلك.
  وهذه الآية نزلت في المدينة، بينما بقية السورة نزلت في مكة؛ لأن النبي ÷ يوم كان في مكة كان الإسلام ضعيفاً، ولم يكن قد توسع وانتشر، وقد أخبرهم أن إظهار دينه حكم قد حكم به من عنده، وأن يقتلع الشرك من جميع البلاد العربية، ولن يستطيع المشركون أن يمنعوا ما حكم به، وسيجازي الكفار على كفرهم وتمردهم، وسيعذبهم في الدنيا والآخرة.
  {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا}(١) أخبر الله عن كفار الأمم السابقة بأنهم قد مكروا بأنبيائهم ورسلهم، وقد كادوا لدينهم كل كيد، وعملوا جميع ما أمكنهم من الحيل، ولكن مكر الله سبحانه وتعالى كان فوق مكرهم، وقد أبطل مكرهم ودمرهم واستأصلهم.
  {يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ}(٢) وكان مكره فوق مكرهم؛ لأنه محيط بهم وعالم بهم وبأعمالهم، وهم تحت قبضته وسيطرته.
(١) سؤال: هل لإسناد المكر إلى الباري تعالى وجه فما هو؟ وما الوجه في تأكيده؟
الجواب: الوجه في إسناد المكر إلى الله تعالى هو وجود السبب المقتضي لصحة التجوز والتوسع (العلاقة) وهي هنا المشاكلة. والوجه في تأكيده في قوله: {فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا}:
- هو التسلية للنبي ÷ والمؤمنين وطمأنتهم بأن الله ناصرهم ومبطل كيد عدوهم ومكره، وليقوي صبرهم ويشد من عزيمتهم.
- وليدخل اليأس في قلوب المشركين أو في قلوب بعضهم من الانتصار على النبي ÷ والمؤمنين فإنهم إذا سمعوا ذلك انكسرت قلوبهم وداخلها اليأس أو شيء من اليأس لأنهم يعتقدون أن محمداً ÷ صادق وأن ما جاء به حق من عند الله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٣٣}[الأنعام].
(٢) سؤال: ما محل جملة: {يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} الإعرابي؟
الجواب: لا محل لها من الإعراب لأنها بيان للجملة الأولى: {فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا}.