محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 334 - الجزء 2

  {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ويمنعون الناس عن تصديق دعوة النبي ÷، وعن الذهاب للاستماع إليه، ويدخل في ذلك الصدُّ عن دعوة العلماء؛ لأنهم ورثة الأنبياء، فالصادون عن دعوتهم وتبليغهم دين ربهم داخلون في هذا الوعيد.

  {وَيَبْغُونَهَا⁣(⁣١) عِوَجًا} فلا يريدون دين الحق وإنما يريدون الضلال واتباع الشهوات.

  {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ٣} وهم غاوون عن الطريق، وفي بعد عن الحق والهدى.

  {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لم يرسل نبياً إلى أمته إلا بلسانهم ولغتهم.

  {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} أرسلهم بنفس لسان قومهم ليفهموا عنهم شريعة الله وهداه، ولكن لم يؤمن ويستجب لدعوة أنبيائهم إلا البعض منهم، وأكثرهم رفضوا ذلك وعاندوا وتمردوا، فالمستجيبون هم الذين هداهم الله سبحانه وتعالى وحكم بهداهم، وأما الذين لم يستجيبوا لأنبيائهم فقد حكم بضلالهم وغوايتهم⁣(⁣٢).

  {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٤} وهو العزيز الغالب، والحكيم لأنه يضع الأشياء في مواضعها، فلا يحكم لأهل الهدى بالاهتداء إلا إذا كانوا من أهل الهدى، ولا يحكم على ذوي الضلال بالضلال إلا إذا كانوا من أهل الضلال.

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} بالمعجزات الدالة على صحة نبوته وصدقه.


(١) سؤال: إِلامَ يعود الضمير المؤنث في قوله: {يَبْغُونَهَا

الجواب: يعود إلى {سَبِيلِ اللَّهِ}.

(٢) سؤال: هل تحتمل الآية معنى آخر من معاني الضلال والهدى أم لا؟

الجواب: قد فسرت بما ذكرنا، وفسرت بالتخلية بمعنى أن الله تعالى بعد التبيان على ألسنة رسله يترك المعرضين الذين لم يؤمنوا في غيهم، فلا يمدهم بالتوفيق والألطاف والتنوير فيتوغلون في الضلال. وأما من آمن فإن الله تعالى يمده بالتوفيق والألطاف والتنوير فيزداد هدى وإيماناً.