محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 356 - الجزء 2

  أن يحين أجلهم؛ لأن المسلمين كانوا قد استبطأوا نزول عذابه بهم حتى صاروا في شبه يأس من النصر والظهور عليهم؛ لما كانوا يرونه من المشركين من القوة والعدد والعدة والتمكن في الأرض والسلطان الكبير وكثرة الأموال والتجارات.

  {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ٤٧} فالله سبحانه وتعالى لا يمتنع عليه شيء وهو قادر على أن ينتقم منهم، وسينتقم منهم، غير أنه لم يحن ذلك الوقت الذي أراد أن يعذبهم فيه.

  {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ٤٨} وسيكون وقت انتقامه منهم يوم القيامة يوم يحشر جميع الخلق إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى الحساب والجزاء، وأراد بتبديل الأرض أنها سوف تتساوى عاليها بسافلها {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ١٠٦ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ١٠٧}⁣[طه]، وليس هناك أرض غير هذه الأرض كما يظن البعض، فهذه الأرض هي نفسها الأرض التي سيبعثون منها وسيحاسبون فوقها ثم يسيرون منها إلى الجنة أو النار، وتبديل السموات المراد به: ذهاب ما فيها من شمس وقمر وكواكب.

  {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ٤٩} وسيكون المجرمون في يوم القيامة مقيدين بالسلاسل والأغلال.

  {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} وهي ملابسهم ستكون من نحاس ذائب من شدة الحرارة.

  {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ٥٠} وهو اللهب يلفح وجوههم ويحرقها.

  {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا⁣(⁣١) كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ٥١}⁣(⁣٢) سيبدل


(١) سؤال: ما الوجه في حذف حرف الجر المعدى به: {مَا كَسَبَتْ

الجواب: {لِيَجْزِيَ} يتعدى إلى مفعولين بنفسه من غير حرف جر، {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}⁣[القصص: ٢٥]، والباء في نحو قوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا}⁣[سبأ: ١٧]، ليست للتعدية وإنما هي للسببية دخلت على العمل الذي استحقوا بسببه الجزاء.

(٢) سؤال: ما المراد بكونه سريع الحساب؟

الجواب: يفسر ذلك بتفسيرين: =