سورة الحجر
  نبيه ÷ بأنه قد نزل عليه القرآن وسيحفظه من التحريف والتبديل والتغيير.
  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ١٠ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ١١} وأخبره أيضاً بأنه قد أرسل قبله الرسل في كل فرقة من فرق الأمم السابقة، وكانت كل فرقة تكذب وتستهزئ برسولها، وتلحق به الأذى.
  أراد الله سبحانه وتعالى أن يهون على نبيه ÷ تكذيب قومه واستهزاءهم، وأن يشد من عزمه على مواصلة دعوته وتبليغ رسالته؛ لأنه إذا عرف أن الأنبياء قبله قد أصابهم مثل ما أصابه هانت عليه مصيبته، فالمصيبة إذا عمت هانت.
  {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢} أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه يُدْخِلُ القرآن في قلوب المكذبين به، ويفهمهم إياه؛ ليكون حجة عليهم يوم القيامة.
  {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ١٣} وقد عرفوه وعلموا به، ولكنهم لن يؤمنوا أبداً، يخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بذلك لئلا يظن عندما يراهم لم يؤمنوا أنهم لم يفهموا حجة الله ولم يعلموا بها، فقد علموها، ولكنهم تمردوا واستكبروا ويريد الله تعالى أن يحسم طمع النبي ÷ في إيمانهم، وأخبره بأنه قد عذب تلك الأمم السابقة جزاءً على كفرهم وتكذيبهم بأنبيائهم، وأن قومه سيصيبهم مثل ما أصاب الأمم السابقة، وأن سنته في جميع خلقه واحدة لا تتبدل.
  {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ١٤ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ١٥} أراد الله سبحانه وتعالى أن يحسم طمع النبي ÷ في إيمانهم، ويقطع رجاءه فيهم، فأخبره أنه لو فتح لهم باباً إلى السماء يطلعون منه إليها، ثم ينزلون ويجيئون منه ويذهبون متى أرادوا - لظلوا على كفرهم هذا وتمردهم، ولما نفع فيهم ذلك، ولقالوا: إن الذي نسمعه من الملائكة ليس صدقاً وإنما قد أصابنا السحر، فلا تظن يا محمد أن إعراضهم وتمردهم لنقص في تبليغهم أو خلل في آياتك، فلن يؤمنوا أبداً أبداً.
  ومعنى «سُكِّرت» أي: سُدَّت وحبست عن الإبصار والرؤية.