محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجر

صفحة 362 - الجزء 2

  {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ١٦} يذكر الله سبحانه وتعالى نعمه على خلقه، ويعرضهم على مدى قدرته وقوته ليلتفتوا إلى آياته هذه التي بثها لهم، ويتفكروا ويتدبروا فيها، وحثهم أن ينظروا إلى خلق النجوم التي فوقهم كأنها قناديل معلقة في السماء تزينها بنورها وجمالها.

  والبروج: هي المنازل والطرق التي يسير فيها كل نجم، فكل نجم له منزلة لا يتخلف عنها.

  {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ١٧}⁣(⁣١) حفظ الله تعالى السماء فلا تستطيع الشياطين أن تصعد إلى السماء لتستمع إلى ما تتكلم به الملائكة، أو تطَّلع على الأسرار من علم الغيب التي تتناقلها الملائكة فيما بينهم، والتي قد أطلعهم الله سبحانه وتعالى عليها؛ لأن الشياطين إذا سمعت ذلك فإنها ستنقله إلى كهنتها ومنجميها.

  {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ١٨} إلا ما كان من بعض العفاريت المتمكنين بما معهم من القوة فيغامرون ليسترقوا بعض الأخبار، فإن الله سبحانه وتعالى يرمي من فعل ذلك بشهاب يرسله عليه فيحرقه ويطرده، وقد قيل إنه لا يموت منه، وإنما يؤلمه ألماً شديداً يمنعه من الإتيان مرة أخرى.

  والمراد بهذه السماء هي سماء الدنيا؛ لأن النجوم الساطعة فيها، وأما التي فوقها فليس فيها نجوم ساطعة ظاهرة للناظرين.

  {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} ثم يُذَكِّرُ الله سبحانه وتعالى عباده بأنه قد مَهَدَ لهم الأرض، وجعلها صالحة للاستقرار على ظهرها والعيش فوقها.

  {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} وجعل فيها الجبال ليهتدي بها الناس في طرقهم


(١) سؤال: هل المراد بالشياطين مردة الجن أم أنهم نوع آخر كإبليس يمتازون بالوسوسة فقط؟

الجواب: الشياطين مردة الجن، وليسوا نوعاً آخر غير الجن.