سورة النحل
  {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا(١) بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يستعين به فهو وحده الذي سيعينه على الصبر، ونهاه عن الحزن على إصرار المشركين على شركهم، وعدم استجابتهم، وأمره بأن يتركهم في ضلالهم وشركهم؛ فسيجازيهم سبحانه على ذلك.
  {وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ١٢٧ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ١٢٨} ولا يصبك الضيق والأسى والحزن من مكرهم بك، ومحاولة قتلك، واستئصالك، وطمس دينك؛ فالله معك بنصره وتأييده، وسيخذلهم وينصرك عليهم، فلا تحمل في قلبك الهم تجاههم، واستمر في دعوتك؛ فمهما فعلوا، ومهما حاولوا فلن يصلوا إليك(٢).
  * * * * *
(١) سؤال: ما معنى الباء في قوله: {وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}؟ وكيف يصير معناها تبعاً لذلك؟
الجواب: الباء للاستعانة مثلها مثل الباء في «﷽» فيكون المعنى حينئذ: وما صبرك حاصل إلا بمعونة الله وتوفيقه وإعانته.
(٢) سؤال: هل لختم هذه السورة بهذه الآيات مناسبة فما هي؟
الجواب: نعم لختم السورة بهذه الآيات مناسبة، بيان ذلك: أن هذه السورة من أولها إلى آخرها في ذكر المشركين الذين ينكرون اليوم الآخر ويعبدون مع الله آلهة أخرى، وفي عرض نعم الله وآياته، والتذكير بقدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته ووحدانيته، وبطلان دين الشرك، وبيان ضلال المشركين، وضرب الأمثال الحكيمة، وذكر تمردهم وطعنهم وتكذيبهم، وذكر اليوم الآخر، و ... إلخ، ومن قرأ سورة النحل يخيل إليه أن رسول الله ÷ قد أيس من إيمان المشركين ولم يبق له طمع في ذلك، ومن شأن البشر حصول الفتور وقلة النشاط أو عدمه إذا لم يحصل على نتيجة كان يطمع فيها وقد بذل فيها وسعى إلى تحصيلها غاية سعيه، وتقحم في هذا السبيل المهالك سنة بعد سنة، وفي الأخير لم يحصل على نتيجة، فمن هنا جاءت هذه الآيات: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ...} إلى آخر السورة لتبعث من نشاطه الذي كان قد حطمه اليأس فتأمره بمواصلة الدعوة وتبليغ الرسالة وتأمره بالصبر، وأن الله معه وناصره وحافظه و ... إلخ. وفي هذه الآيات إشارة وإيذان بأن السورة قد تمت وتم موضوعها الذي سيقت له.