محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 441 - الجزء 2

  سبحانه وتعالى عن طبيعة الإنسان المكذب بأنه يستعجل نزول الشر كاستعجاله بنزول الخير، وأنهم يدعون على أنفسهم بالشر، ويستعجلون نزوله؛ لأن الأنبياء كانت تدعوا أممها إلى الله تعالى، وكان كل نبي يحذر قومه أنهم إن أصروا على الكفر والتمرد فسينزل الله بهم عذابه في الدنيا ويستأصلهم، فكانوا يستعجلون نزول العذاب بهم، ويسألون أنبياءهم أن يدعو الله سبحانه وتعالى بأن يعجل بنزول العذاب عليهم تكذيباً منهم واستهزاءً بأنبيائهم.

  {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} ثم يذكر الله سبحانه وتعالى عباده بآياته الدالة على قدرته وعلمه وحكمته؛ فأمرنا بأن نتفكر في آية الليل والنهار.

  {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}⁣(⁣١) جعل الله الليل أسود مظلماً وجعل لنا النهار ضياءً ونوراً لنرى فيه مصالحنا وأسباب معايشنا ومنافعنا، ونبتغي فيه أرزاقنا.

  {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا⁣(⁣٢) عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} وكذلك لنعرف بهما الشهور والأسابيع والسنين، ومواعيد أعمالنا ومعاملاتنا، ومواسم عبادتنا.


(١) سؤال: هل كانت القمر منيرة ثم طمست ومحيت كما هو ظاهر الآية؟ أم أنها من أصلها، أوضحوا ذلك؟

الجواب: تكون القمر منيرة ثم يمحوها الله شيئاً فشيئاً حتى يعود كالعرجون القديم، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى بعد ذلك: {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} وهذا التعليل هو من اللف والنشر غير المرتب، فقوله: {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} علة لقوله: {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} وقوله: {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} علة لقوله تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} فكانت الحكمة في محو آية الليل هي معرفة السنين والحساب.

(٢) سؤال: علام عطف قوله: {لِتَعْلَمُوا}؟ وما إعراب: {كُلَّ شَيْءٍ

الجواب: عطف {وَلِتَعْلَمُوا} على {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا}، و {كُلَّ شَيْءٍ} مفعول به لفعل محذوف تقديره: فصلنا كل شيء، وإنما قدرنا له فعلاً محذوفاً لاشتغال الفعل الذي بعده بضميره.