سورة الإسراء
  {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} فلا يظن أحد أنه سيضر الله تعالى بكفره وتمرده وعصيانه أو يضر دينه أو نبيه، وإنما سيضر نفسه فقط، ولن يتعدى ضره إلى غيره.
  {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ولا تحمل نفس ذنب نفس أخرى، بل كل نفس سوف تتحمل وزرها وحْدَها.
  {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يعذب أحداً حتى يبعث إليهم رسولاً يحذرهم وينذرهم؛ ليقطع عليهم الاحتجاج والأعذار؛ فلا يكون لهم عذر عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
  فإن قيل: فكيف بمن لم تبلغه دعوة النبي ÷؟
  فالجواب عليه: أن الله سبحانه وتعالى سيثيبه على قدر ما يمليه عقله عليه، وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خلق العقل وجعل فيه القدرة التي تمكنه من الوصول إلى معرفته سبحانه والعلم بوجوده، فمن استجاب لداعي العقل والفطرة هذه وآمن بالله سبحانه وتعالى فسيدخله الجنة حتى ولو لم تبلغه دعوة نبينا محمد ÷(١).
  وبالنسبة لزماننا هذا فقد اختلف الوضع، وأصبحت وسائل المعرفة موجودة وفي متناول الجميع في شتى بقاع الأرض، وبسهولة وتيسير، وما على المكلف إلا أن يفتح الإنترنت وسيتوصل إلى ما أراد.
  وعلى الجملة فلن يعذب الله سبحانه وتعالى إلا من بلغته الحجة، وعرف الحق ثم أعرض عنه.
(١) سؤال: إذا قال واحد من هؤلاء: لم يُمْلِ عليّ عقلي بأن الله قادر عالم و ... إلخ فماذا يجاب عليه؟
الجواب: من طبيعة العقل وفطرته الإذعان بتعلق الفعل بفاعله والحدث بمحدثه، ولا يمكنه التخلي عن هذه الفطرة، وهكذا ما يظهر في الفعل والصنع من الحكمة والإتقان يدل على علم فاعله وإتقانه يذعن العقل للجزم بذلك والقطع به؛ لذلك فلا يقبل قول من يدعي أن عقله لم يوح إليه بقدرة الذي أحدث المحدثات المشاهد حدوثها بعد العدم إلا إذا كان مدعي ذلك ناقص العقل.