سورة الإسراء
  {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا(١) فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ١٦}(٢) أخبر الله سبحانه وتعالى أنه إذا أراد أن يهلك أهل قرية، وأن ينزل عليهم عذابه لكفرهم وفسادهم؛ فإنه قبل ذلك يرسل إليهم رسولاً يأمرهم وينهاهم، ويحذرهم وينذرهم، ويخبرهم أنهم قد استحقوا نزول العذاب بهم إن لم يؤمنوا ويستجيبوا فإذا لم يؤمنوا عذبهم الله واستأصلهم وقطع دابرهم.
  ومترفوها هم كبار القوم وزعماؤهم؛ لأن رسل الله سبحانه وتعالى يذهبون إلى الكبار؛ لأن الكلمة تكون كلمتهم، وأما البقية فيكونون تبعاً لهم.
  {وَكَمْ(٣) أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ١٧} يذكر الله سبحانه وتعالى المشركين لعلهم يعتبرون فيرجعون إليه، ولعلهم إن عرفوا بمصائر الأمم المكذبة قبلهم اعتبروا.
  {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ
(١) سؤال: إذا استدل أهل الجبر بهذه الآية على مذهبهم فكيف نرد عليهم؟
الجواب: ليس فيها دليل على مذهب الجبر، فمعنى الآية: أن الله تعالى إذا أراد أهل قرية لكثرة فسادها فإنه لا يعذبها حتى يرسل إليها رسولاً لتتم به الحجة عليهم كما قال سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}[الإسراء].
(٢) سؤال: يقال: هل في هذه الآية دليل على أن الإرادة بمعنى العلم باشتمال الفعل على المصلحة؟ إذ لا يمكن أن تفسر الإرادة هنا بمعنى فعل المراد لتقدم الإرادة على الإهلاك بنص الآية ومنطوقها؟
الجواب: فيها دليل واضح على أن الإرادة ليست نفس المراد لتقدم الإرادة على نفس المراد بنص الآية هذه؛ لذلك تكون الإرادة هي العلم باشتمال الفعل على مصلحة.
(٣) سؤال: ما إعراب: {كَمْ أَهْلَكْنَا}؟
الجواب: «كم» في محل نصب مفعول به لأهلكنا، وليست «كم» للاستفهام بل هي خبرية.