سورة الإسراء
  لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ١٠٢} قال موسى مخاطباً لفرعون ومستنكراً عليه: بأنك قد علمت يا فرعون أنها آيات واضحات منزلة من عند الله سبحانه وتعالى، وليس تكذيبك هذا إلا مغالطة وتمويها على قومك خوفاً منهم أن يتركوك ودينك، والتسع الآيات التي أعطاه الله سبحانه وتعالى هي العصا واليد والجراد والقمل والطوفان والضفادع والدم والسنين ونقص الأموال والأنفس والثمرات في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}[الأعراف: ١٣٠].
  والمثبور: هو المهلك.
  {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ} أراد فرعون أن يخرج موسى وقومه من أرض مصر ويقتلهم.
  {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ١٠٣} ثم إن الله سبحانه وتعالى فلق لموسى البحر؛ فلحقه فرعون فانطبق البحر عليهم، وغرقوا جميعاً.
  {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ} ثم إن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى أن يأمر قومه بأن يسكنوا أرض الشام.
  {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ١٠٤} وأخبرهم أن الله سبحانه وتعالى سيبعثهم يوم القيامة هم وفرعون، وسيحاسب الفريقين، وينتصف لكم منه ويحكم بينكم بالحق. ومعنى «لفيفاً»: جميعاً، وهو اسم جمع بمعنى الجمع العظيم من أخلاط شتى.
  {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}(١) اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى
(١) سؤال: هل قوله: «وبالحق نزل» تكرير لما سبق؟ فما فائدته؟
الجواب: المراد بقوله: «وبالحق نزل» أي: من السماء الدنيا إلى الناس، أي: نزل بالهدى والبينات والنور محفوظاً من الشياطين، أي: لا كما يقول المشركون إنه قول شيطان يوحيه إلى النبي ÷. والمراد بقوله: «وبالحق أنزلناه» أي: إلى سماء الدنيا في ليلة القدر أي: أنزله بالهدى والنور والبينات والحكمة، أي أن للقرآن نزولين: الأول إلى سماء الدنيا، والثاني من سماء الدنيا إلى النبي ÷؛ فالثاني هو غير الأول، فلا تكرير.