سورة الكهف
  وفي هذا دلالة على أنه إذا كان هناك مجموعة في سفر أو نحوه فإنهم يُكَبِّرون واحداً منهم ويؤمِّرونه عليهم، ويجعلونه مسؤولاً على احتياجات رحلتهم وحلهم وترحالهم.
  وفيه دلالة على أن يتحلى من كان كبيراً منهم بهذه الآداب بأن يظهر لهم التأدب وعدم التعنيف بهم، وأن يشاورهم في جميع أمورهم، وكانت ورِقهم دراهم من فضة كانت معهم.
  {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} فليذهب أحدكم إلى المدينة لجلب الطعام، وليتخير الحلال الطيب منه.
  {وَلْيَتَلَطَّفْ} وليتخذ من يذهب منكم الحذر الشديد؛ لئلا ينكشف أمرنا للملك.
  {وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ١٩} ولا يخبر أحداً بموقعنا كائناً من كان.
  {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ٢٠} إنهم إن عرفوا بأمركم ومكانكم فسوف يأتون لقتلكم أو تعذيبكم إلى أن ترجعوا إلى دينهم.
  وكان هذا الكهف قريباً من مدينتهم، وكانوا قد اختبئوا فيه تلك الليلة من تعبهم ليستريحوا فيه، ويناموا ليلتهم إلى أن يدبرهم الله سبحانه وتعالى لمخرج وطريق يسلكونه، ومكان يأوون إليه، فأنامهم الله تعالى في ذلك الكهف.
  {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} كشف الله سبحانه وتعالى للناس قصة أهل الكهف وأظهر أمرهم بتدبير منه بالرغم من تخفيهم الشديد، وحرصهم على ألّا يطلع أحد على أمرهم، ولكن حكمته اقتضت أن يظهر أمرهم لجميع الناس، فذاع خبرهم وقصتهم واشتهر بين جميع سكان المدينة، فلحقوا بهم إلى الكهف ليتعرفوا على أخبارهم وشأنهم وقصتهم عن قرب، وقد أخبرهم أهل الكهف بقصتهم وشأنهم، وأخبروهم عن