محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الكهف

صفحة 498 - الجزء 2

  وأظن أن ذلك ليس بصحيح؛ لأن الله سبحانه وتعالى لطيف بنبيه ورحيم به، ولا يريد أن يحزن نبيه أو يظهره في صورة الكذاب بين الناس، ويعرضه لسبهم ورميهم له بالكذب، وإنما كان ذلك تعليماً لنبيه ÷ أن لا يقطع في شيء إلا بأمر وإذن منه، وأن لا يعد أحداً بشيء ليس في يده ولا تحت قدرته، كما كان منه في وعده لليهود بأنه سيخبرهم بقصة أهل الكهف مع أن ذلك ليس في يده ولا زال في علم الله سبحانه وتعالى لا يعلم ما مراده فيه، وهل سيخبره بشأنهم أم لا، فنهاه الله سبحانه وتعالى عن ذلك، وأن لا يقطع في شيء إلا وقد أذن له فيه؛ لأن حكمته قد لا تقتضي ذلك الشيء الذي قد وعدهم به.

  {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}⁣(⁣١) أمره الله سبحانه وتعالى أن يكون ذكره على قلبه في كل وقت وحين، وأن يتذكر أوامره له وتعاليمه، ويعمل بها.

  {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ٢٤} وأمره أن يسأله أن يطلعه على المزيد من آياته وعجائبه، كقصة أهل الكهف وغيرها من الآيات.

  {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ٢٥} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يخبرهم بأنه وحده العالم بمدة لبثهم في الكهف، وأنهم قد لبثوا ثلاثمائة وتسع سنين، وأمره بأن لا يعتمد على أخبار اليهود فهو أعلم منهم، وأن لا يثق بأخبارهم على الإطلاق، ولا بما ينقلونه من الوقائع والأحداث، وقد أجمع المسلمون على أنه لا وثوق بأخبار بني إسرائيل؛ لأن كتبهم قد أصبحت محرفة، فهو وحده العالم؛ لأنه المختص بعلم غيب السماوات والأرض مستقبلها وماضيها، ولا أحد يشاركه في ذلك.


(١) سؤال: هل يصح أن يحمل هذا على أنه إذا نسي من تعليقه بالمشيئة أن يذكر الله سبحانه عند ذكره؟

الجواب: يصح أن يحمل على ذلك، وقد دخل ما ذكرتم تحت ما ذكرنا في التفسير.