محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الكهف

صفحة 535 - الجزء 2

  الكافرين وسيشاهدونها، ثم أخبر عن صفة الكافرين هؤلاء بأنهم الذين لا يصدقون بالبعث والجزاء، وكانت قلوبهم مغطاة لا تبصر الحق والهدى، ولا تستبصر بما جاءها من عند الله سبحانه وتعالى، وقد أعمتهم الدنيا وشهواتها وغرقوا في المعاصي والمنكرات.

  {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} هل يظنون أن الله سبحانه وتعالى الذي خلقهم وصورهم ورزقهم سيتركهم من غير حساب أو جزاء على ما اتخذوه من الآلهة دونه، فلا بد أن يحاسبهم ويجازيهم على كفرهم وعبادتهم واتخاذهم لغيره آلهة.

  {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ١٠٢}⁣(⁣١) ثم أخبر سبحانه وتعالى أنه قد أعد جهنم لهؤلاء الكافرين ضيافة لهم ينزلون فيها وبئست الضيافة.


الجواب: قد شهدت أمة محمد ÷ بأنه ÷ قد بلغ رسالة ربه إلى من أرسل إليهم وقد قال الله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٥٤}⁣[النور]، فقد أدى رسول الله ÷ رسالة ربه ونفذ أمره وأسمع الكافرين وبين لهم الحق الذي أنزله الله ووضحه لهم وكرره على أسماعهم وسمعوه ووعوه، وسيقول الله لهم يوم القيامة: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا ...}⁣[الملك]، فليس المعنى حينئذ في الآية أن الكافرين كانوا فاقدين لآلة السمع أو لم يكن لديهم قدرة على سماع القرآن والحق فقد سمعوه وكذبوا به فلم يبق إلا أن يكون المعنى أن الكافرين كانوا ينفرون عن سماع القرآن ويكرهون الإصغاء إليه لشدة كراهتهم له.

ونظير ذلك الأسلوب ما يقال في مخاطباتنا اليوم، فقد يدعوك مثلاً صاحبك للحضور في مجلس يجتمع فيه جماعة فتقول: عفواً أنا لا أستطيع أو لا أقدر السماع لحديث تلك الجماعة لما فيه من الفحش والبذاءة والشتم والكلام الساقط، والمعنى: أنه يكره سماع حديث القوم ويتضايق منه.

(١) سؤال: فضلاً ما إعراب {نُزُلًا ١٠٢

الجواب: «نزلاً» مفعول به ثاني لأعتدنا، والمفعول الأول «جهنم».