محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 546 - الجزء 2

  قدير ولا يعجزه شيء، وليكون ذلك آيةً دالة على عظيم قدرته لمن نظر وتفكر فيها، وأخبرها بأنه رحمة من الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، وأن هذا أمر قد قضاه وقدره فلا مخرج لها منه ولا بد أن يقع.

  {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ٢٢}⁣(⁣١) وعندما حملت به انعزلت بحملها هذا عن الناس فراراً منهم لئلا يلحقوها بالكلام الفاحش والبذيء، أو يمسوها بسوء أو مكروه، ومعنى «قصياً» بعيداً.

  {فَأَجَاءَهَا⁣(⁣٢) الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ٢٣} وعندما حان موعد ولادتها كانت حينها بجانب جذع نخلة تندب حظها، وتفكر كيف ستتخلص من أذية قومها، وبماذا ستجيبهم عند عودتها إليهم وهي تحمل بين يديها طفلاً، وكل ذلك ليس منها أنها قد فقدت ثقتها بالله سبحانه وتعالى فهي لا تزال عظيمة الثقة به، وإيمانها بالله سبحانه وتعالى لا زال قوياً، غير أن ذلك شأن كل من يقبل على أمر ذي شأن عظيم، ولا بأس على المؤمن أن يتمنى الموت ولا ضرر في ذلك.


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب: {مَكَانًا قَصِيًّا ٢٢

الجواب: «مكاناً» منصوب على الظرفية المكانية، وصح لإبهامه.

(٢) سؤال: ما معنى: {فَأَجَاءَهَا ...}؟ وما أصل هذا الفعل؟

الجواب: فأجاءها بمعنى: ألجأها المخاض واضطرها إلى جذع النخلة، وأصل «أجاء» جاء فلما دخلت الهمزة تغير المعنى إلى ما ذكرنا.

سؤال: هل هناك فرق بين {نَسْيًا} بالفتح أو الكسر؟ وما المراد بذلك؟

الجواب: لا فرق بين كسر نون «نسياً» وفتحها، هكذا ذكروا مثل: «وَِتر» بفتح الواو وكسرها، والنسي الشيء الحقير الذي يترك لحقارته ولا يتألم لفقده.