محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 547 - الجزء 2

  أما ما ورد من الأثر: «لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به» أي: لأجل مصيبة أو ضرر⁣(⁣١) نزل به؛ فلأنه في هذه الحالة لم يرض بقضاء الله وما قدره عليه.

  ومريم تمنت الموت لأجل أن لا تواجه ما سيرميها به قومها من الكلام الفاحش والبذيء، ولئلا تسمع ما سيقولونه فيها.

  {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ٢٤} والذي ناداها هو ابنها، وقد قيل إنه جبريل #، والسريّ: هو النهر الصغير⁣(⁣٢).

  {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ٢٥} وأمرها بأن تأكل من ثمار هذه النخلة، وأن تشرب من هذا النهر الذي يجري عندها، وقد قيل: إن هذه النخلة كانت يابسة لا خضرة فيها، فجعل الله سبحانه وتعالى الثمر فيها كرامة لمريم &.

  {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ⁣(⁣٣) مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ


(١) سؤال: على هذا فمتى يجوز تمني الموت مع أنه لا يتمنى أحد نزوله إلا وقت حلول الضرر ولو من الخلق؟

الجواب: يجوز في الحالة التي حصل مثلها لمريم &، فقد كانت بين ظهراني قوم يتظاهرون برميها بالفاحشة ويصرون على اتهامها بالزنا وينسبون ولدها إلى غير رِشْدَةٍ، ولا تجد ناصراً ولا مخرجاً من قومها لضعفها وقلة حيلتها على فراقهم والهجرة من بين ظهرانيهم، ومن طبيعة المؤمن النفور والكراهة للمقام بين ظهراني المقيمين على معاصي الله المجاهرين بها ففي مثل هذه الحالة يجوز تمني الموت.

(٢) سؤال: هل يصح أن يحمل السَّرِيّ على الغلام الوجيه أو نحوه مأخوذاً من قولهم في الجمع: السراة؟ أم لا ترونه مناسباً مع قوله: {فَكُلِي وَاشْرَبِي

الجواب: الأولى تفسيره بالنهر الصغير لما ذكرتم من المناسبة لقوله: {فَكُلِي وَاشْرَبِي}.

(٣) سؤال: ما إعراب: {وَقَرِّي عَيْنًا}؟ {فَإِمَّا تَرَيِنَّ

الجواب: «قري» فعل أمر وفاعله، و «عيناً» تمييز نسبة أي: أنه محول عن فاعل. و «إما» إن: شرطية =