محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 548 - الجزء 2

  لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ٢٦} يطمئنها بأن تهدأ ولا تلقي لأحد بالاً، وأن تكل أمرها إلى الله سبحانه وتعالى، ولقنها ما تفعل عندما تواجه قومها؛ فلا تجيبهم بشيء عندما يسألونها، وتخبرهم⁣(⁣١) بأنها قد نذرت للرحمن صوماً وأنها لن تكلم أحداً منهم؛ فقد كان السكوت في شريعتهم عبادة يتعبدون لله تعالى به.

  {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ٢٧ يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ٢٨} أمرها جبريل # بأن تذهب به إلى قومها، ولَمّا رأوها صاحوا في وجهها: ما هذا الذي جئت به؟ فرموها بالفاحشة والزنا، وسألوها كيف تفعل هذا الفعل الذي لم يأت بمثله أحد من أهلها ولم يكن عادة أحد منهم؟ ومعنى «فرياً»: منكراً فظيعاً.

  {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ٢٩} ولم تجبهم مريم # بشيء بل أشارت إلى ولدها ليسألوه؛ فتعجبوا من فعلها هذا، فكيف يكلمون صبياً في مهده؟!

  {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا⁣(⁣٢) ٣٠ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا


= و «ما» زائدة أدغمت النون في الميم فصار «إما». «ترين» أصله ترأيينن بهمزة هي عين الفعل والياء الأولى هي لام الفعل والياء الثانية ياء الضمير والنون الأولى نون الرفع والثانية هي نون التوكيد المشددة، فحذفت الهمزة التي هي عين الفعل في المضارع باطراد، والياء الأولى تحركت وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم حذفت نون الرفع لتوالي ثلاث نونات فصار: ترين.

(١) سؤال: لكن هل إخبارها لهم بالنذر نقض لسكوتها أم له معنى آخر؟

الجواب: لا يكون نقضاً لأن انعقاد النذر كان بقولها هذا ولم تعقده قبل هذا القول بدليل أن الله تعالى لم يأمرها بالنذر ويدلها عليه إلا عند رؤيتها لأي من الناس: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا}.

(٢) سؤال: هل يؤخذ من الآية أنه أوتي الكتاب والنبوة في حال صغره أم كيف؟ =