سورة مريم
  النبوة والكتاب هو عيسى ابن مريم، وليس كما يقولون فيه بأنه رب، وأن الله سبحانه وتعالى أبوه(١) قد اتحد به وتجسد فيه فصار إياه، يريدون بذلك أن روح الله سبحانه وتعالى قد حلت فيه فتجسد فيه فأصبح عيسى هو الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وأخبره بأنهم قد زادوا فيه وغلوا، وأنه ليس كما يقولون، وأن هذا الذي أوحينا إليك فيه هو القول الحق.
  {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٣٥}(٢) وأنه لا ينبغي لله تعالى أن يكون له ولد؛ لعظمته وجلاله وتقدسه عن اتخاذ الولد، وقد تعالى عن صفات المخلوقين من التوارث والتوالد.
  وأخبر أنه ليس غريباً في قدرته أن يخلق ولداً من غير أب فهو على كل شيء قدير، وإذا أراد شيئاً كان.
  {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٣٦} يخاطب نبي الله عيسى(٣) # بني إسرائيل ويدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى الذي خلقه وخلقهم، وكذلك يدلهم على الطريق الذي فيه نجاتهم.
(١) سؤال: هل مقالتهم بأنه أبوه تناقض تماماً قولهم بأنه ربه فمن أي ناحية؟ أم لا تناقضه؟
الجواب: كأنهم يريدون أن عيسى # إنما اتصف بالربوبية لأن الله - تعالى وتقدس عما يقولون - اتحد بعيسى وتجسد فيه فصار إياه.
(٢) سؤال: هل هذه الآية تؤكد ما سبق أن الله أراد إيجاد عيسى قبل إيجاده؟
الجواب: فيها دليل على ذلك، وقد ذكرنا ذلك قبل قليل في التعليق.
(٣) سؤال: يقال: من أين نفهم أن هذا خطاب من عيسى لقومه مع أن السياق في خطاب الله لنبينا محمد ÷ عن أمر عيسى #؟
الجواب: ذكر الرازي في هذا توجيهين: أحدهما ما ذكرناه، وأنه معطوف على: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، والثاني أن القائل محمد ÷.