محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 553 - الجزء 2

  ينفع أي نفع، أو يفعلُ أيَّ مصلحة، أو يدفعُ أيَّ ضرر.

  {يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ٤٣} ونصح أباه بأن يتبعه ليدله على طريق الهدى والصواب وإلى ما فيه نجاته، بعد أن أخبره أن الله قد اصطفاه وقد اختاره لحمل رسالته وجعله نبياً.

  {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ٤٤} ثم نصح أباه بترك طاعة الشيطان، وأن لا يستمع لوساوسه؛ لأنه من العاصين والمتمردين على الله تعالى.

  {يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ٤٥}⁣(⁣١) وأنك إن بقيت على كفرك وعلى عبادة الأصنام فسيخزيك الله تعالى في الدنيا، وستكون من أنصار الشيطان وأتباعه.

  {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ٤٦} استنكر على إبراهيم نصائحه، ووبخه على تركه لعبادة الأصنام وتنفيره عنها، وهدده أنه إن لم يقلع عن عداوته لها فسيلحق به الأذى والتعذيب، وأمر إبراهيم أن يهجره دهراً طويلاً.

  {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ٤٧} فرد عليه إبراهيم بالرد الجميل والقول الحسن، وأمَّنه بالسلامة من ناحيته وطمأنه بأنه لن يلحقه أي أذى من جانبه أو أي سوء أو مكروه، ووعده بأنه سيطلب من الله تعالى أن يغفر له، وأخبره بأنه قد وعده أن يلبي له جميع ما طلب منه ويستجيب ما دعاه به، وكان ذلك شفقة منه على أبيه ورحمة به.


(١) سؤال: هل في هذه الآيات دليل على أن المخاطَب أبو إبراهيم حقيقة لا قريبه أم لا فكيف؟

الجواب: فيها دليل على أنه أبوه حقيقة لا عمه، ولا ينبغي العدول عن ظاهر الآية لغير دليل واضح.