سورة الأنبياء
  الثواب، وراهبين وخائفين لعقابه وغضبه، وهذا هو المفروض الذي ينبغي أن يكون عليه كل مؤمن فيكون بين الخوف والرجاء.
  فمن المفروض أن يتوجه المؤمن بالعبادة إلى الله؛ لأنه مستحق للعبادة وأهل لأن يعبد ويحمد ويشكر على ما أنعم به عليه من النعم الظاهرة والباطنة من دون نظر إلى جنة أو نار، ألا ترى أن من أحسن إليك في الدنيا وتتابع معروفه عندك كيف تكون المكانة التي سيتركها في قلبك؟ وكيف ستكون ردة فعلك تجاهه؟ وهل ستعصيه أو تفكر في معصيته؟ أم أنك ستحاول إرضاءه بكل ما تستطيع وتملك وتحرص على أن لا يلحقه من قِبَلِك أي سوء أو مكروه؟
  {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ٩٠} وأنهم كانوا متواضعين منقادين لله سبحانه وتعالى ولما أمرهم به، مهما كلفهم ذلك من الخسارة حتى ولو أدى إلى تلف أبدانهم أو ضحوا بأموالهم وأولادهم في سبيل إرضائه فقد باعوا أنفسهم من الله سبحانه وتعالى واستسلموا له غاية الاستسلام، فهذا هو معنى التواضع، بعكس المتكبر فهو الذي لا يمتثل لما أمره الله سبحانه وتعالى به، فهذا هو المتكبر ولو كان يمشي مشي المتواضعين.
  هذا، وطاعة أولياء الله من العلماء المبلغين عن الله سبحانه وتعالى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من هذا الباب؛ لأن من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله تعالى؛ لأنهم يمثلون الأنبياء الذين كانوا يبلغون عن الله سبحانه وتعالى، فقد أصبحوا يبلغون عنهم ويحلون مكانهم، وطاعتهم واجبة على كل مكلف، لا يعذر أحد في تركها(١) مهما كانوا وكيفما كانوا ولو كانوا من أوضع
(١) سؤال: فضلاً لو أوردتم شيئاً من الأدلة على أنه لا يعذر أحدٌ في تركها؟
الجواب: تجب طاعة العلماء الربانيين الذين حصلت الثقة في علمهم وديانتهم؛ لأنهم إنما يأمرون الناس بما أمر الله به عباده في القرآن الكريم وعلى لسان رسوله الأمين ÷، ويدعونهم إلى ما دعاهم الله إليه ورسوله ÷، وما يبلغ عن الله بعد رسل السماء إلا البشر، وحينئذ فطاعتهم هي طاعة لله ورسوله ÷، وقد قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النور: ٥٤]، وفي الحديث: «العلماء ورثة الأنبياء».