محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنبياء

صفحة 657 - الجزء 2

  الناس وأدناهم مرتبة مهما كانوا آمرين بتقوى الله وطاعته.

  {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا⁣(⁣١) وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ٩١} ذكر الله سبحانه وتعالى قصة مريم، وما كان من شأنها خلال ذكر أنبيائه، وصفّها في مصافهم، تنويهاً بشرفها وعلو منزلتها عند الله سبحانه وتعالى، ولم يصل من النساء هذه المنزلة الرفيعة إلا قلة قليلة منهن⁣(⁣٢)، ومريم واحدة منهن.

  فأخبر أنه قد نفخ في بطنها الولد مع إحصانها، وأنها حملت به من غير زوج تنبيهاً على طهارتها وعفتها، وليكون ذلك آية من آياته الجلية المكشوفة الدالة على قدرته


(١) سؤال: لا زال قوله: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} مبهماً من ناحية معنى: «روحنا» ومعنى «من» فتفضلوا بالإدلاء بتوضيح ذلك أيدكم الله بتأييده؟

الجواب: الروح هو من أمر الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}⁣[الإسراء]، فإذا نفخ الله الروح في جسد الإنسان صار حياً، إذا فارق الروح الجسد صار ميتاً، وحينئذ فكل واحد من الناس ينفخ الله فيه روحاً من أمره فعيسى كغيره من الناس نفخ الله فيه من روحه فصار حياً، قال تعالى في آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٧٢}⁣[ص]، فالنفخ في مريم هو النفخ في جسد عيسى الذي هو كالجزء منها لحلوله في بطنها، ونفخ الروح في عيسى هو إحياؤه، وهكذا ينفخ الله الروح في جنين كل حبلى إذا أراد، ولا فرق في نفخ الروح بين عيسى وغيره من أحياء بني آدم إلا أن الله تعالى خلق جسد عيسى من غير سبب الاتصال بين المرأة والرجل، قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٥٩}⁣[آل عمران]، ومعنى «من»: ابتداء الغاية أو التبعيض أي: أن ابتداء النفخ في بطن مريم في جسد عيسى كان من الروح أو أن الله نفخ بعض الروح في جسد عيسى.

(٢) سؤال: من هن هؤلاء العظيمات؟

الجواب: جاء عن النبي ÷: «كمل من النساء أربع: مريم بنت عمران، وزوجة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد» ÷.