محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحج

صفحة 10 - الجزء 3

  {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ١٣} وهذا من خفة عقولهم وسخافتها عندما يعبدون من لا ينصرهم، ويتركون عبادة الذي بيده عزهم وشرفهم ورفعتهم في الدنيا والآخرة، والعشير هو الجليس؛ لأنهم كانوا يعكفون عندها ويجالسونها، وأي خير أو نفع يرجى من إنسان يتخذ عشيراً أو ناصراً لا ينفعه.

  وفي هذا دلالة على قبح مجالسة رفقاء السوء أو مخالطتهم أو مصاحبتهم أو الركون إليهم في شيء.

  {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ١٤}⁣(⁣١) أما المؤمنون الذين آمنوا وصدقوا بالله سبحانه وتعالى، وعملوا مع ذلك الأعمال الصالحة فإن الله تعالى سيثيبهم جنات تجري من تحتها الأنهار.

  {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ١٥}⁣(⁣٢) كان اليأس قد تسرب إلى


(١) سؤال: هل في هذه الآية دلالة على تقدم الإرادة من الله سبحانه وتعالى على المراد؟ وكيف يكون المعنى؟

الجواب: نعم، فيها دلالة واضحة على تقدم الإرادة من الله تعالى على فعل المراد، وعليه فيكون المعنى إن الله تعالى يفعل ما قضت بفعله الحكمة والعلم أي ما علم الله تعالى أن في فعله وخلقه في وقت محدد حكمة ومصلحة.

(٢) سؤال: إلام يرجع الضمير في قوله: {يَنْصُرَهُ}؟ وما معنى «ما» في قوله: {مَا يَغِيظُ ١٥}؟ ولِمَ ذكر الله سبحانه النصر في الآخرة مع أن الكلام في نصر الدنيا؟

الجواب: الضمير يعود إلى النبي ÷، وكما قال في الكشاف: إن هذا الكلام قد دخله الاختصار، وإن التقدير إن الله تعالى ناصر رسوله فمن كان يظن ... إلخ، و «ما» في قوله: {مَا يَغِيظُ ١٥} مصدرية مسبوكة مع ما بعدها بمصدر أي غيظه. وذكر الله تعالى نصره لرسوله ÷ في الآخرة لأن من كان يظن أن لن ينصر الله رسوله ÷ هم ضعاف الإيمان أو المنافقون وقد كانوا غير مصدقين بوعد الله لرسول الله ÷ بالنصر في الدنيا وبوعده تعالى بالثواب والدرجات الرفيعة في الآخرة.