محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحج

صفحة 11 - الجزء 3

  قلوب بعض ضعفة الإيمان بعدم نزول نصر الله سبحانه وتعالى لهم وطال عليهم البلاء، وطال انتظارهم لما وُعِدُوا به من النصر والظفر، واشتد عليهم البلاء ومضايقة قريش، وعانوا منهم عناءً شديداً مما أفقدهم صبرهم مع طول المدة حتى خالطهم اليأس من النصر الذي وعدهم رسول الله ÷ فقال الله تعالى: من انقطع أمله في نزول النصر من الله، واعتقد أن الله لن ينصر رسوله والمؤمنين، ويئس من ذلك ولم يبق له رجاء في النصر والخروج من الشدائد والبلاء فليبحَثْ عن مخرج ويطلب لنفسه باب فرج، ولن يجد لنفسه مخرجاً ولا باب فرج إلا قَتْلَ نفسه، فيأخذ حبلاً ويربطه في سقف بيته ثم يخنق نفسه، ولينظر هل ذلك سيزيل ما في قلبه من الضيق والمرض.

  {وَكَذَلِكَ⁣(⁣١) أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ بأنه أنزل القرآن عليه وفيه الآيات الواضحات الدالة على صدقه وصدق ما فيه، وأن حجته جلية ومكشوفة لمن سمع آياته، وأن من سمعه فإنه يحصل له اليقين القاطع بصدقه، وقد كان يؤمن به كل من سمعه ممن ليس للهوى مكان في قلبه من دون أي تردد أو شك في مصداقيته؛ غير أن المشركين كانوا يصدون الناس عن الذهاب إلى النبي ÷ أو الاستماع إليه، وكانوا يترصدون لهم في الطرق ليحذروهم منه، وكان من دخل مكة حاجاً أو معتمراً فإنهم يحذرونه من محمد ÷ ومن سحره، فلا يتركونه يدخل إلا وقد امتلأ قلبه خوفاً من النبي ÷ ومن ملاقاته أو مواجهته.

  وهؤلاء الذين وقفوا في وجه دعوة النبي ÷ هم كبار قريش، فكانوا يمنعون قبائلهم ونساءهم وأولادهم وعبيدهم وخدمهم، وكل من لهم يد عليهم من ملاقاة النبي ÷ أو الاستماع إليه، وكان من لقيه منهم صدفة أو سمع منه


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «كذلك»؟ وما معناها على هذا الإعراب؟

الجواب: «كذلك» جار ومجرور صفة لمصدر محذوف أي: أنزلناه إنزالاً كذلك الإنزال الذي تلوناه عليك.