سورة الحج
  القرآن فإنه يؤمن به لقوة حجته، ووضوح دلالاته وآياته التي تدخل إلى الصميم مباشرة، حتى كبار قريش قد عرفوا حجته وصدق دلالته غير أن الكبر والعناد والتمرد منعهم من اتباعه والعمل بأحكامه، {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٣٣}[الأنعام]، فحجتك واضحة يا محمد فلا تطلب من الله سبحانه وتعالى أن يأتيك بآية كما يطلبون منك، فقد عرفوا الحق، واستيقنته أنفسهم، غير أنهم جحدوه، واستكبروا عن اتباعه.
  {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ١٦}(١) فلا تطمع يا محمد في إيمان أولئك المكذبين
(١) سؤال: علام عطفت هذه الجملة أو مصدرها؟
الجواب: يمكن في إعراب ذلك وجهان:
١ - أن يكون المصدر في محل نصب بالعطف على الهاء في «أنزلناه» أي: وأنزلنا أن الله يهدي من يريد.
٢ - أن يكون المصدر خبراً لمبتدأ محذوف أي: والأمر أن الله ... ، وتكون الجملة حالاً.
سؤال: كيف يجيب المرشد على من استدل بهذه الآية على أن الله تعالى لا يهدي إلا من أراد سبحانه هدايته ومن لم يرد هدايته فلا حظ له فيها؟
الجواب: يمكنه أن يجيب فيقول: الهداية من الله تعالى هي هدايتان اثنتان:
١ - هداية عامة لا يتم التكليف إلا بها وهي المذكورة في نحو قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ...}[فصلت: ١٧]، وفي قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢}[الشورى]، فالله سبحانه وتعالى قد هدى الناس جميعاً برسوله ÷ وبالقرآن.
٢ - هداية خاصة جعلها الله تعالى ثواباً عاجلاً لعباده المؤمنين المستجيبين لأمره وهي كالتي في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}[محمد]، وفي قوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩]، والهداية هذه هو تنوير القلب وزيادة التوفيق والألطاف كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٨}[الحديد]. =