سورة الحج
  والمستهزئين فالله سبحانه وتعالى لا يهدي لدينه ولا يعطي ألطافه إلا من كان أهلاً للهدى، وقبل الحق وتواضع له واستجاب له فإن الله ينور قلبه ويزيده من الهدى.
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١٧} فهو عالم بأعمال أهل كل ملة، ومُحْصٍ ما أسرُّوه منها وما أضمروه، وما أعلنوه وما أخفوه، وهو حاضر(١) عند كل عمل يعملونه صغيراً كان أو كبيراً، فأخبر أنه يوم القيامة سيحكم بين أهل الملل والأديان بالحق، فيدخل أهل الحق الجنة، وأهل الباطل النار.
  والصابئون هم قوم كانوا أهل كتاب وقد أرسل الله سبحانه وتعالى لهم نبياً ولكنهم مالوا عن دينهم ونبيهم، واختلقوا لهم ديناً غير الدين الذي جاءهم به نبيهم(٢).
= فقوله تعالى هنا: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ١٦} فالهدى في هذه الآية هو من النوع الثاني الهداية الخاصة التي جعلها الله تعالى ثواباً لأهل طاعته أما العصاة المعرضون عن طاعة الله فلا يستحقون ثواباً ولا توفيقاً ولا تنويراً، أما الهداية العامة التي هي كتاب الله فالمطيع والعاصي فيها سواء فأبواب الهدى في القرآن مفتوحة تشع فيها أنوار الهدى والفرقان ودلائل الهدى قائمة وأسباب الألطاف والتنوير والتوفيق فيه شارعة لعموم المكلفين مطيعهم وعاصيهم.
(١) سؤال: قد يقال: ما العلاقة بين هذا وبين حكمه عليهم بالحق مع وضوح كفرهم أعني غير المسلمين؟
الجواب: قد جاء في القرآن بكثرة وفي غير القرآن الكناية بالعلم عن الجزاء، ولا تحتاج الكناية إلى علاقة ولا قرينة لأنها من قسم الحقيقة؛ لذلك قالوا إنه يصح فيها إرادة المعنيين أي: معنى اللازم والملزوم.
(٢) سؤال: من فضلكم هل عرفت الصابئة بزمن فمتى هو؟ ومكان فأين هو؟
الجواب: قالوا: إن الصابئ هو الذي خرج من دين إلى دين؛ لذلك كانوا يقولون: إن محمداً قد صبأ؛ لذلك فليسوا أهل ملة معروفة بنبيها وكتابها ومكانها.