سورة الحج
  تكبروا على الله تعالى، وتمردوا عليه على الرغم من أنه تعالى قد أكرمهم وفضلهم على سائر المخلوقات، وجعلها مسخرة في مصالحهم وحاجتهم، وقد هيأها لخدمتهم، وأنهم بتمردهم قد استحقوا غضب الله وسخطه والإهانة والذل والخزي، وسينتقم الله منهم ويعذبهم؛ لأنهم قد استحقوا عذابه وسخطه. والمراد بقوله: «يفعل ما يشاء»: وأنه يفعل ما تقضي به الحكمة من إكرام أهل طاعته وإهانة أهل معصيته فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه.
  {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نزلت هذه الآية في أول معركة كانت للإسلام مع الشرك وهي غزوة بدر، عندما برز ثلاثة من المسلمين في بداية المعركة وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ¤ لثلاثة من المشركين وهم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وهم من أشراف قريش وكبرائهم، وذلك أنه برز هؤلاء الثلاثة وصاحوا بالنبي ÷ أن يخرج لهم ثلاثة من أكفائهم فدعا علياً وحمزة وعبيدة، فقتل حمزة عتبة، وعلي قتل الوليد، واختلفت ضربتا عبيدة وشيبة فقتل كل منهما صاحبه، ومعنى اختصامهم في ربهم: هو اختصامهم في دين الله الحق.
  {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ١٩(١) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ٢٠ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ٢١} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن مصير الثلاثة الذين قتلوا من جانب المشركين بأنه قد أعد لهم ثياباً من نار يلبسونها، ثم يصب من فوق رؤوسهم ماء الحميم حتى يذوب منه ما في بطونهم وأحشائهم، وتتفسخ به جلودهم وتذوب، ومع ذلك يضربون بمقامع(٢) من حديد.
(١) سؤال: ما محل جملة: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ١٩} وما الوجه في فصلها عما قبلها؟
الجواب: محلها الرفع خبر ثان؛ لذلك فصلت.
(٢) سؤال: يقال: هل عرفت هذه المقامع؟
الجواب: قد رويت في ذلك روايات الله أعلم بصحتها، ولكن إذا كان الله تعالى قد خلقها ليعذب بها الكافرين فلا شك أنها تكون عظيمة.