سورة النور
  {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} كان الأعمى قبل أن تنزل هذه الآية يتحرز عن مؤاكلة الأصحاء، ويتجنب الأكل معهم خوفاً أن يقع فيما لا ينبغي، وكذلك الأعرج لكونه يحتاج إلى أن يشغل مكان غيره، وكذلك المريض خوفا أن يتسبب في أذية أحد أو استكراه النفوس للأكل معه، فأنزل الله تعالى هذه الآية يخبرهم بأنه لا حرج عليهم في فعل ما تحرجوا عنه.
  {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا(١) مِنْ بُيُوتِكُمْ(٢) أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ}(٣) رفع الله تعالى الحرج عن المؤمنين وأباح لهم مؤاكلة هؤلاء ومخالطتهم(٤) والأكل من بيوت المذكورين من الآباء والأمهات و ... و ... إلخ، وذلك أن الله تعالى عندما أنزل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}[النساء: ١٠]، ونحوها من الآيات أصبحوا يتحرجون ويتشككون في مؤاكلة هؤلاء ومخالطتهم خوفاً أن يأكل أحدهم شيئاً من نصيب صاحبه.
(١) سؤال: ما محل المصدر: {أَنْ تَأْكُلُوا} الإعرابي؟
الجواب: محله الجر بـ «في» مقدرة.
(٢) سؤال: ما العلة في رفع الحرج عن المؤمن في أكله من بيته المفهوم من قوله: {مِنْ بُيُوتِكُمْ}؟
الجواب: المراد بقوله: «من بيوتكم» أي: من بيوت أولادكم، بدليل أنه ذكر بعدها بيوت الآباء والأمهات والإخوة والأخوات؛ فرفع الحرج في أن ما يأكله لابنه.
(٣) سؤال: إذا وجد عدم طيبة النفس من أحد هذه البيوت فهل يجوز الأكل أم لا يجوز؟
الجواب: إذا ظن الآكل عدم طيب النفس من أحد تلك البيوت فلا يجوز له الأكل، إلا إذا كان له حق في المأكول، كأن يكون شريكاً فيه، أو كان ممن تجب نفقته على صاحب البيت.
(٤) سؤال: فضلاً هل التحرج في المخالطة فقط؟ أم فيها وفي الأكل من هذه البيوت المذكورة ولو بدون خلطة، مع التوضيح؟
الجواب: الظاهر أن المراد رفع الحرج في الأكل من هذه البيوت ولو بدون خلطه، {جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا}.