سورة الفرقان
  {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} أو يرزقه الله بستاناً كبيراً يأكل منه وينفق، أما أن يدعي النبوة وهو فقير معدم فذلك ما لا يكون.
  {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ٨} ولا زال مشركو قريش يحاولون إفساد دعوة النبي ÷، وكلما ورد ذم في القرآن للمشركين فالمراد بهم مشركو مكة؛ لأنهم الذين وقفوا في وجه دعوته ÷ من حين مبعثه إلى أن مات.
  وهم هنا يعيرون من آمن بالنبي ÷ بأنهم لم يتبعوا إلا رجلاً قد أثر فيه السحر وتمكن فيه، حتى صار يهذي ويهلوس بكلام يدعي أنه كلام الله، وفي الحقيقة ليس ذلك إلا من تأثير السحر، وليس إلا كذباً.
  {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ٩} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن ينظر إلى شأن المشركين وما ضربوا له من الأوصاف، فتارة يقولون: أساطير الأولين اكتتبها، وتارة يقولون: إنه افتراه من عند نفسه، وتارة يقولون: إنه إذا كان نبياً فلماذا يأكل الطعام، وتارة يقولون: مسحور؛ وكل أقوالهم هذه لم يؤثِّر شيء منها في طمس دعوته، ولم يبدُ لأي عاقل أن يقبلها أو يستسيغها، وكل السبل لم تفلح في الوقوف في وجه ما جاء به.
  {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ١٠}(١) ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ بأن لا يجد في نفسه من اقتراحاتهم ولا يَكْبُرَ عليه ما قالوا، وأخبره أنه تعالى تكاثر خيره وبيده خزائن السماوات والأرض، ولو أراد لجعل له خيراً وأفضل مما قالوا
(١) سؤال: أين صلة الموصول «الذي»؟ وما إعراب {جَنَّاتٍ} وعلام عطف: {يَجْعَلْ} وما الوجه في جزمه؟
الجواب: صلة الموصول هي: {جَعَلَ لَكَ خَيْرًا} وجملة الشرط قيد لها، و «جنات» بدل من «خيراً» وعطف «يجعل» على «جعل» وجزم لأنه معطوف على جعل وهو في محل جزم لأنه وقع جواب شرط جازم.