سورة الفرقان
  من الكنوز والجنات والقصور، ولكن الله عليم حكيم لم تقتض الحكمة أن يكون له ذلك، وذلك أن الناس لو رأوا معه ذلك لسعوا إليه واتبعوه طمعاً فيما عنده من الكنوز والأموال، لا رغبة فيما جاءهم به من الدين، وقد أراد أن يكون فقيراً لا يملك شيئاً من متاع الدنيا حتى لا يأتي إليه إلا من أراد الإيمان عن قناعة تامة، حتى يكون إيمانه خالصاً لله تعالى، لا طمعاً في جاه أو مال أو دنيا.
  {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ١١} وأخبر أن المشركين لو كانوا(١) مؤمنين بالبعث بعد الموت لصدقوا ما جاءهم به محمد ÷ خوفاً من غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه أن يلحق بهم.
  {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ(٢) مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ١٢} ثم وصف الله سبحانه وتعالى جهنم التي أعدها للمكذبين بأنها أوقد عليها حتى صار لها صوت شديد يشبه صوت المتغيظ والزافر، يُسْمَعُ شدةُ وقيدها من بعد.
  {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا(٣) مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ١٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حالهم عندما تلقي بهم زبانية العذاب في جهنم، فأخبر أن ملائكة العذاب ستقرن كل مجموعة منهم في قيد واحد، ثم يلقون بهم فيها، فعند ذلك ينادون بالويل والثبور.
  ويقال: إن العرب كانت عادتهم إذا وقع أحدهم في شدة أو مهلكة يصيح: وا ثبوراه ويا ويلاه، فهذا هو معنى الثبور.
(١) سؤال: هل فهم هذا المعنى من «بل»؟ أم من ماذا؟
الجواب: فهم ذلك من قوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ}.
(٢) سؤال: ما وجه نسبة الرؤية إلى النار في هذه الآية؟
الجواب: نسبة الرؤية إلى جهنم نسبة مجازية، أي: استعارة مكنية، فقد شبه جهنم بمن يعقل، تشبيهاً مضمراً وأتى بشيء من لوازم المشبه به وهو الرؤية.
(٣) سؤال: فضلاً ما إعراب: {مَكَانًا ضَيِّقًا}؟
الجواب: «مكاناً» ظرف مكان متعلق بـ «ألقوا»، و «ضيقاً» صفة للمكان.