سورة الفرقان
  إنكارهم وتكذيبهم لكم.
  {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} بعد أن تغلبهم الحجج وتسكتهم يبحثون عمن ينصرهم أو يدفع عنهم عذاب الله تعالى فلا يجدون لهم مصرفاً أو مهرباً يهربون إليه من عذاب الله الذي ينتظرهم، ولم يبق لهم إلا النار يدفعون لهيبها ويتقونه بوجوههم، ومعنى «صرفاً» دفعاً للعذاب عن أنفسكم.
  {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ١٩}(١) لا زال الله تعالى يخاطب مشركي مكة، ويتهددهم لعلهم يرجعون إلى عبادته ويتركون عبادة الأصنام التي بعبادتها لا يظلمون إلا أنفسهم.
  {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}(٢) كان المشركون يستنكرون على النبي ÷ كيف يصح أن يكون نبياً وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق كشأن البشر، فأخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه لم يرسل نبياً قبله إلا على هذه الصفة، وأن الأنبياء جميعاً من عهد آدم إلى آخر الأنبياء يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.
(١) سؤال: ما الوجه في تغيير الخطاب عن حال الآخرة إلى حالة الدنيا في قوله: {وَمَنْ يَظْلِمْ ...}؟
الجواب: قوله: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ١٩} وعيد للمشركين بعذاب كبير، وذلك عذاب الآخرة، وهكذا ما قبلها فإنه وعيد بما يلاقونه في الآخرة، فالكلام متصل بعضه ببعض.
(٢) سؤال: أين المستثنى في هذه الآية؟ إن كان ما بعد «إلا» فلماذا كسرت همزة «إن»، وكان من حقها الفتح لتحل محل المفرد؟ وما وجه دخول اللام على الفعل «يأكلون»؟
الجواب: المستثنى جملة: {إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ} وهي في محل نصب حال، أي: وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين على أي حال من الأحوال إلا حال كونهم يأكلون الطعام. وكسرت «إن» لمكان لام الابتداء التي تزحلقت إلى الخبر «ليأكلون».