محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفرقان

صفحة 150 - الجزء 3

  {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ٢٠} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أنه قد كلف بعض البشر بتحمل رسالته وتبليغها، وكلف بعضهم بالإيمان بهم والاتباع لهم اختباراً للمرْسَل والمرْسَل إليه، هل سيطيعونه ويتحملون ما كلفهم به⁣(⁣١)؟ وكذلك ما جعل بين الناس من التفاوت، ورفع بعضهم فوق بعض، وتفضيل بعضهم على بعض كل ذلك فتنة واختبارٌ لهم من سيصبر منهم ومن سيشكر؟ وكل ذلك من الله سبحانه وتعالى لحكمة ومصلحة يعلمها لهم، وكذلك جَعْلُ أنبيائه من البشر فيه حكمة ومصلحة لا تحصل إلا إذا كان الرسول من البشر.

  {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ⁣(⁣٢) لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا} وهم المشركون المنكرون للبعث بعد الموت والحساب، كانوا يحتجون على الله تعالى لماذا لا يرسل أنبياءه من الملائكة أو يجعلهم يشاهدون ربهم عياناً فيخبرهم بصدق ذلك الذي أرسله إليهم حتى يكونوا على يقين من أمرهم.

  {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ٢١}⁣(⁣٣) فأجاب الله سبحانه


(١) سؤال: وهل يصح أن تحمل: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ ...} على تمكين المكذبين والمعارضين للأنبياء وتخليتهم، وأنه فتنة واختبار للأنبياء هل سيصبرون؟ وكذا من بعدهم؟ أم أنهم لا يصبرون؟

الجواب: نعم، يصح أي: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة بالتخلية بينكم وتمكين بعضكم من بعض.

(٢) سؤال: الظاهر أن الرجاء بمعنى التمني لغة، لكن قد استخدم كثيراً في التأميل كما في هذه الآية بمعنى: لا يؤملون في البعث أو لا يأملونه، فما وجهه؟ هل على جهة الحقيقة أم المجاز؟

الجواب: الظاهر أنه على جهة الحقيقة؛ لكثرة استعمالها في ذلك في القرآن، بل إنها لم تستعمل في القرآن بمعنى التمني، أي: كلمة «يرجون».

(٣) سؤال: هل يؤخذ من الآية أن سؤال الرؤية لله من الاستكبار، أو كبيرة من الكبائر؛ لوصفهم بالعتو؟ وبأي دلالة يفهم ذلك؟

الجواب: أَنِفُوا أن يقبلوا الحق ويتواضعوا لقبوله بعد معرفتهم له، ورأوا أنهم أعظم وأكبر من أن =