محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الشعراء

صفحة 189 - الجزء 3

  مُجْتَمِعُونَ ٣٩} فجمع فرعون سحرة مصر وجمع الناس جميعاً في ساحة واحدة.

  {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ٤٠} هذا من كلام فرعون يقول لملئه: إنه سيتبع السحرة إذا غلبوا موسى، وإن لم يغلبوه فسيتركهم ولا يتبعهم ويعدل إلى اتباع موسى؛ ليموه على الناس أنه منصف وأن موسى ساحر، وقد علم أن موسى ليس بساحر⁣(⁣١) وأنه نبي من عند الله وأن ما جاء به آيات حق من عند الله.

  {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ⁣(⁣٢) لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ٤١ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٤٢} طلبت السحرة من فرعون الأجرة على غلبتهم لموسى؛ فوعدهم فرعون بالأجرة، وبأنه سيقربهم إليه، وسيجعلهم من حاشيته وأتباعه إن هم غلبوا موسى وسحره.

  {قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا⁣(⁣٣) أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٤٣ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ٤٤} بعد أن اجتمعوا أمرهم موسى بأن يبدأوا، فألقوا ما أجلبوا به من السحر واثقين بالنصر والظفر على موسى وعصاه، مستعينين⁣(⁣٤) على ذلك بعزة فرعون الذي هو ربهم، وذلك كما يقول المسلم: «بحول الله وقوته».


(١) سؤال: يقال: من أين نستوحي علم فرعون بأن موسى كذلك؟

الجواب: استوحي ذلك من قوله تعالى في سورة النمل عن فرعون وقومه: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ١٣ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ١٤}.

(٢) سؤال: ما فائدة دخول الاستفهام على «إن»؟

الجواب: فائدتها الاستفهام عن صحة الخبر المؤكد الذي سمعوه: إن لكم لأجراً إن غلبتم موسى.

(٣) سؤال: ما فائدة الإبهام لما سيلقونه؟

الجواب: فائدته إظهار التهاون بسحرهم وعدم المبالاة به.

(٤) سؤال: يقال: ظاهر كلامكم أن الباء في قوله: {بِعِزَّةِ} للاستعانة، أفلا تكون للقسم؟

الجواب: تحتمل الباء القسم والاستعانة، وقد فسرت بالوجهين.