سورة الروم
  {فَهُمْ(١) مُسْلِمُونَ ٥٣ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ(٢) ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} يكرر الله تعالى نداءه للمشركين ويذكرهم بما قد بث لهم من الآيات التي يحثهم على النظر والتفكر فيها، فأمرهم هنا أن يتفكروا في كيفية خلقهم من تلك النطفة الماء المهين، وكيفية تكوينهم درجة بعد درجة وطوراً بعد طور إلى أن يصبح هذا المخلوق إنساناً سوياً ثم كيف تبتني قوته شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح إنساناً في أوج قوته.
  {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}(٣) وكيف يصير بعد أن يستكمل قوته فيبدأ بالنقص والتدرج إلى الوراء إلى أن يرجع إنساناً ضعيفاً كما كان من قبل.
  {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ٥٤} فالخلق خلقه وهذه مشيئته وإرادته يخلق ما يشاء بعلمه وقدرته، فمن تفكر في ذلك عرف الله سبحانه وتعالى حق معرفته.
  {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}(٤) ثم أخبر الله
(١) سؤال: ما الوجه في عطف هذه الجملة الاسمية على سابقتها الفعلية؟
الجواب: عطفت على معنى الجملة الأولى، أي: على التوهم، كأنه قيل: إلا الذين هم مؤمنون.
(٢) سؤال: هل «من» في قوله: «من ضعف» على بابها؟ فكيف تعلقها؟ أم ليست على بابها فما معناها؟ وما نوع اسمية «ضعف»؟
الجواب: «من» على بابها ابتدائية، فخلق الآدميين ناشئ من ضعف، ومتعلق بخلقكم، أي: أن الخلق ابتدأ ونشأ من الضعف، و «ضعف» مصدر للفعل «ضَعُفَ»، والله أعلم.
(٣) سؤال: ما محل جملة: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} من الإعراب؟
الجواب: يجوز أن تكون خبراً ثانياً فتكون في محل رفع، ويجوز أن تكون في محل نصب حالية، ويصح أن تكون للتأكيد؛ لأن معناها هو معنى ما سبقها من الجمل.
(٤) سؤال: هل لجملة: {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} محل من الإعراب أم لا؟ وما إعراب «غير ساعة»؟ وهل المراد بالساعة هذه المعروفة في زماننا بتحديدها أم ماذا؟
الجواب: لا محل لقوله: {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} من الإعراب؛ لأنها جواب القسم، و «غير ساعة» غير: ظرف زمان لإضافته إلى ظرف زمان فهو مفعول فيه لـ «لبثوا»، وساعة: مضاف إليه. والمراد =