محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة لقمان

صفحة 389 - الجزء 3

  المتفرد بخلق ذلك وإبداعه وإيجاده؛ ثم سأل المشركين - لِيبَكِّتَهم ويوبِّخَهم على عبادتهم لتلك الأصنام التي ليست إلا أحجاراً ينحتونها بأيديهم -: ماذا خلقت تلك الأصنام التي يعبدونها من دونه؟ ولن يجدوا جواباً على سؤاله هذا إلا ما يضطرهم إلى الإقرار والاعتراف لله سبحانه وتعالى.

  {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ١١} ثم أخبر عنهم بأنهم في ضلال وضياع وهلاك بصنيعهم ذلك، وذهابهم إلى عبادة تلك الأحجار التي هم على يقين تام بأنها لا تستطيع أن تخلق أو ترزق، أو تفعل لهم أي شيء.

  {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ⁣(⁣١) الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}⁣(⁣٢) ثم انتقل الله سبحانه وتعالى إلى ذكر لقمان وما كان من شأنه وأمره ووصاياه لابنه؛ فأخبر أنه قد رزقه العلم والحكمة، وزكاه بالعقل الذي اهتدى به واستعمله فيما ينبغي أن يستعمله فيه، وهو الشكر لله تعالى على نعمه.

  {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ١٢}⁣(⁣٣)


(١) سؤال: هل عرفت شخصية لقمان الحكيم وزمانه بمرويات صحيحة فأفيدونا بها؟

الجواب: رويت روايات غير موثوق بها حول شخصيته وزمانه فقيل إنه ابن أخي نبي الله داود، وقيل من النوبة أسود، وقيل من مصر، وقيل كان عبداً مملوكاً، وقيل ... ، وقيل كان في زمن نبي الله داود #، رحمة الله عليه ورضوانه.

(٢) سؤال: ما معنى «أن» في قوله: «أن اشكر»؟ وما ينبني على إعرابها من معنى؟

الجواب: «أن» مفسرة، ويصح أن تكون مصدرية وتكون هي وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب على أنه بدل من الحكمة، وتكون الحكمة هي الشكر لله، وصح ذلك لأن الشكر هو ثمر الحكمة ولا قيمة للعلم والحكمة إذا لم يتبعهما العمل، وإذا لم يعمل العالم بعلمه فهو جاهل، وهذا المعنى هو الذي قصدناه في التفسير.

(٣) سؤال: ما معنى «حميد» بما يناسب الآية؟

الجواب: معنى {وَمَنْ كَفَرَ} ومن لم يعترف بنعم الله ولم يحمده ويشكره فإن الله حميد ينطق المطر بلسان حاله بحمد الله، ويعترف بعظيم فضله وإحسانه، وتحمده الشمس والقمر، والليل والنهار، والرياح والسحاب، والأشجار والأثمار، والبحار والأنهار و ... إلخ، فلسان حال كل ذلك =