محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة السجدة

صفحة 414 - الجزء 3

  يبعثهم الله تعالى ليجازي كلاً بما عمل، فيثيب المؤمنين على أعمالهم الصالحة، ويعذب أولئك الخارجين عن حدوده المتمردين عليه في جهنم خالدين فيها أبداً جزاءً على تكذيبهم وتمردهم، كلما حاولوا الخروج من العذاب ردتهم الزبانية وأرجعتهم إلى العذاب.

  {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢١} أقسم الله سبحانه وتعالى لنبيه ÷ أنه لا بد أن يعذب قريشاً بعض العذاب في


الجواب: قد صح ذلك برواية أئمتنا $ وغيرهم [١]، أي: أنهما السبب في نزولها؛ لما روي من أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط سَابَّ علياً أمير المؤمنين فقال له: أنا أبسط منك لساناً، وأحد منك سناناً، وأملأ منك للكتيبة، فقال له علي #: (اسكت فإنك فاسق) فنزلت الآية. هذا معنى ما روي. ويترتب على ذلك أن علياً أمير المؤمنين مؤمن مستحق لجنات المأوى، وأن الوليد فاسق مأواه النار، ثم إن الآية بعد ذلك تتناول كل مؤمن وكل فاسق.

[١] - [من ذلك ما أورده الشوكاني في تفسيره (فتح القدير) قال فيه: وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرقٍ عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب: أنا أحدُّ منك سناناً، وأنشط منك لساناً، وأملأُ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ١٨} يعني بالمؤمن: علياً، وبالفاسق: الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عنه في الآية نحوه. وروي نحو هذا عن عطاء بن يسار والسدي وعبدالرحمن بن أبي ليلى. اهـ وينظر أيضاً: سير أعلام النبلاء، والاستيعاب، والوافي بالوفيات، وغيرها كثير].

سؤال: كيف يمكننا أن نثبت أن في هذه الآية دليلاً قطعياً على خلود أهل الكبائر في النار ولو كانوا من أهل الشهادتين، وذلك من خلال قواعد أصول الفقه المتفق عليها؟

الجواب: الذين فسقوا هم الذين خرجوا عن أمر ربهم إما بترك ما فرضه عليهم، أو بفعل ما نهاهم عنه، هذا هو المعنى الشرعي للفسق: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}⁣[الكهف: ٥٠]، وعلى هذا فالمسلم إذا خرج عن طاعة الله بفعل كبيرة داخل في عموم هذه الآية.