سورة السجدة
  وجعل تعالى من بني إسرائيل أئمة يقتدي بهم الناس ويسيرون على طريقتهم ونهجهم، وكل ذلك بسبب(١) صبرهم على دينهم؛ وأنت يا محمد فاصبر على ما تلاقيه من قومك كما صبر أولئك الصالحون.
  {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ٢٥} يحكي الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن بني إسرائيل بأنهم قد اختلفوا بعد موسى على فرق ومذاهب شتى، وقد غيروا وبدلوا وحرفوا التوراة، وسيحكم بينهم(٢) يوم القيامة، وسيميز المحق من المبطل منهم فيجازي كلاً بما يستحقه.
  {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ٢٦} يستنكر الله سبحانه(٣) وتعالى هنا على قريش لماذا لا يعتبرون بتلك القرون والأمم التي أهلكها بسبب تكذيبهم وتمردهم على أنبيائهم، وكفرهم بما جاءوهم به من عند الله، ولماذا يصرون على كفرهم وتكذيبهم مع أنهم قد رأوا وعلموا كيف كانت عاقبة أولئك المكذبين من تلك الأمم السابقة عندما كانوا يمرون على مساكنهم وقراهم في طريق أسفارهم وتنقلاتهم، كقرى قوم لوط وقوم صالح وقوم هود وغيرهم. ومعنى «أو لم يهد»: ألم يتبين.
(١) سؤال: من أين نفهم هذه السببية؟
الجواب: فهم السبب من «لما» الشرطية، وجملة «جعلنا» هي دليل الجواب.
(٢) سؤال: إلام يعود الضمير في قوله: «بينهم»؟
الجواب: يعود الضمير إلى بني إسرائيل في قوله: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٣} والسياق فيهم.
(٣) سؤال: هل يصح أن نجعل الاستفهام تقريراً هنا؟ وأين فاعل «يهد»؟ وما محل جملة «يمشون» في هذه الآية؟
الجواب: الاستفهام هذا تقرير لما بعد النفي، ويصح أن نقول: إنكار للنفي. وجملة «يمشون» مستأنفة لبيان وجه هدايتهم. وفاعل «يهد» إما مصدره أي: الهدى، أو مقدر أي: كثرة المهلكين.