سورة سبأ
  بعباده، ومن رحمته بهم أنه لا يأخذهم بذنوبهم، ويمهلهم ويتأنى بهم لعلهم يرجعون إليه ويتوبون.
  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ} كان المشركون عندما ينذرهم النبي ÷ ويحذرهم غضب الله تعالى وما أعد لهم من العذاب الشديد يوم القيامة - ينكرون البعث والنشور والحساب والجزاء، وكل ما يأتيهم به محمد ÷ من أمر الساعة وشأنها ينكرونه ويقولون لا حقيقة له ولا أساس له من الصحة.
  {قُلْ بَلَى(١) وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} فأمره الله سبحانه وتعالى أن يخبرهم بأنه لا بد من حدوثها وإتيانها، وأن يقسم لهم على ذلك، وأنهم سيبعثون وسيجازيهم الله سبحانه وتعالى على أعمالهم صغيرها وكبيرها.
  {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}(٢) أقسم النبي لهم بربه الذي هو عالم بجميع الأمور الغيبية وبما سيكون في المستقبل، الذي لا يغيب ولا يخفى عليه شيء في السماء ولا في الأرض حتى مثقال الذرة فهو في علمه.
  {وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٣}(٣) ولا أصغر من مثقال الذرة فهو محيطٌ بعلمه ولا أكبر منه فغير خاف عليه، وفي ذلك أيضاً تحذير
(١) سؤال: ما معنى «بلى» في قوله: {بَلَى وَرَبِّي}؟
الجواب: معناها رد الكلام السابق وإثبات خلافه.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {عَالِمِ الْغَيْبِ}؟ وما محل جملة: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}؟
الجواب: «عالم الغيب» صفة لربي أو بدل منه. وجملة «لا يعزب» في محل نصب حالية.
(٣) سؤال: يقال: كيف ساغ الاستثناء هنا إذا كان قوله: «ولا أصغر» معطوفاً على «مثقال ذرة»؟
الجواب: قوله: «في كتاب» متعلق بمحذوف حال من «مثقال ذرة» أي: إلا مسطوراً في كتاب مبين، أي: لا ينفصل عن الغيب شيء إلا مسطوراً في اللوح.