سورة سبأ
  {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه قد بعث رسله وأنبياءه إلى أمم كثيرة قبل هؤلاء، فكذبوهم وردوا دعوتهم وكفروا بها.
  {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا(١) رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ٤٥}(٢) وكانت تلك الأمم تملك من القوة والعزة ومتاع الدنيا ما لا يقدر قدره، ولكنهم عندما كذبوا رسلهم لم ينفعهم ما هم فيه من ذلك النعيم والثراء وكثرة الأموال فعذبهم الله واستأصلهم جزاءً على كفرهم وتكذيبهم فلم ينفعهم ما هم فيه من القوة والعزة والكثرة؛ فأين قريش الذين لم يبلغوا عشر ما آتينا أولئك؟ فلا يغتروا بقوتهم وكثرتهم وعددهم وعدتهم، فقد أهلك الله سبحانه وتعالى من هم أشد منهم قوة وأكثر جمعاً.
(١) سؤال: هل هذا تكرير فما فائدته؟ أم غير تكرير فما محله؟
الجواب: ليس ذلك بتكرير؛ لأن الأول جاء لتسلية النبي ÷ حين كذبه قومه؛ فقد كذبت أمم كثيرة برسلها كما كذبك قومك، ولقوا مثل ما لقيت من التكذيب والاستهزاء، والتكذيب الثاني جاء لبيان أن الله تعالى أهلك المكذبين بالرسل وعذبهم عذاباً عظيماً.
(٢) سؤال: من فضلكم ما إعراب: {مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}؟ وكذا: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ٤٥} مفصلاً؟ مع ذكر نوع الاستفهام في: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ٤٥}؟
الجواب: «معشار» مفعول به، «ما» اسم موصول في محل جر بالإضافة، «آتيناهم» صلة الموصول والعائد محذوف: آتيناهم إياه. «كيف» اسم استفهام في محل نصب خبر كان مقدم، و «نكير» اسم كان مرفوع بضمة مقدرة على الراء، وهو مضاف إلى ياء المتكلم التي حذفت تخفيفاً وتركت الكسرة على الراء للدلالة عليها.
ويراد بالاستفهام هنا التعظيم والتهويل، أي: أن نكير الله - أي: عذابه - بلغ من العظمة والهول حداً لا يتصور ولا يكتنه؛ لذلك لا يزال عند الفكر مجهولاً يبحث عن كيفيته.