محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة سبأ

صفحة 499 - الجزء 3

  {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ⁣(⁣١) أَنْ تَقُومُوا⁣(⁣٢) لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى⁣(⁣٣) ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يعظ قريشاً


(١) سؤال: ما السر في وصف هذه الموعظة بـ «واحدة»؟ وهل قوله: «ثم تتفكروا ..» في جنس الواحدة؟

الجواب: وصفت الموعظة بالواحدة ليقبلوا إليها وينظروا فيها، ولئلا يتثاقلوها، ويتركوا النظر فيها والإقبال عليها؛ لكثرتها أو لتوهم كثرتها. وقوله: «ثم تتفكروا ..» هو من الموعظة الواحدة أي: من توابعها التي تترتب عليها، وقد جمعت هذه الموعظة الواحدة أصول الإسلام: «أن تقوموا لله» التوحيد. «ما بصاحبكم من جنة» إثبات الرسالة للنبي ÷. «بين يدي عذاب شديد» الإيمان باليوم الآخر.

(٢) سؤال: ما محل: «أن تقوموا» من الإعراب؟ وهل عطف «ثم تتفكروا» عليه؟ وما إعراب: «مثنى وفرادى»؟ وهل: «ما بصاحبكم من جنة» في حيز المعمولية لـ «تتفكروا» أم لا؟ وما إعراب «من جنة»؟

الجواب: محل المصدر «أن تقوموا» الجر بدلاً من «واحدة»، و «ثم تتفكروا» معطوف على «أن تقوموا» لذلك أعرب إعرابه. «مثنى» حال من فاعل «تقوموا»، و «فرادى» معطوف عليه، وليس قوله: «ما بصاحبكم» معمولاً لـ «تتفكروا»؛ لأن «ما» النافية علقت الفعل «تتفكروا» عن العمل. «من جنة» مبتدأ مؤخر مرفوع محلاً مجرور لفظاً، و «بصاحبكم» خبر مقدم.

(٣) سؤال: هل يؤخذ من قوله: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} فضيلة الدعاء الجماعي؟ وكذا صحة الصلاة فرادى؟

الجواب: لم يظهر لي أن في هذه الآية مأخذاً لما ذكرتم؛ لأنها وردت في التفكر فيما يدعو إليه الرسول ÷ من التوحيد و ... إلخ، فأرشدهم فيها أولاً أن يهيئوا أنفسهم للنظر في توحيد الله ويجتمع اثنان اثنان أو كل واحد لحاله منفرداً؛ فسيتضح لهم إذا فعلوا ذلك صحة ما يدعو إليه رسول الله ÷ من توحيد الله و ... إلخ، ولا يجتمع أكثر من اثنين لما يحصل من التشويش على النظر إذا اجتمع أكثر من اثنين، فمن هنا لا يستدل بمثنى على استحباب الجمع في الدعاء؛ إذ لو أريد بالآية فضل الاجتماع لما قصره على اثنين اثنين.