محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة سبأ

صفحة 502 - الجزء 3

  وقوله: {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} كناية عن سرعة أخذ الله سبحانه وتعالى لهم، وانتقامه منهم، وإحاطة قدرته بهم.

  {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٥٢ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} عندما يرون نزول العذاب بهم، ويتيقنون أنه واقع بهم لا محالة فحينها يؤمنون به، ولكن حين لا ينفعهم الإيمان، وكيف يستطيعون أن يتناولوا الإيمان من ذلك المكان البعيد، وهم لم يتناولوه من ذلك المكان القريب في الدنيا.

  أراد الله تعالى بالمكان البعيد الآخرة، وأما القريب فهو في الدنيا.

  {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٥٣}⁣(⁣١) وكيف يصح إيمانهم الآن وقد كانوا في الدنيا ينكرون البعث والحساب والجنة والنار، وكانوا يقولون ذلك رجماً بالغيب من عند أنفسهم، فلا دليل من كتاب أو نبي أو عقل أو نقل على كفرهم وتكذيبهم.

  {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} وذلك في الآخرة لأنهم سيتمنون الإيمان ويشتهونه، ولكن قد أصبح بينهم وبينه حائل فلن يصلوا إليه ولن يقبل منهم.

  {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ٥٤}⁣(⁣٢) وحالهم كحال الذين كانوا من قبلهم على طريقتهم، فمن مات منهم فقد حال موته بينه وبين إيمانه، ولن يقبل الله سبحانه وتعالى إيمانهم لما كانوا عليه من الشك والريبة في دعوة أنبيائهم وما جاءتهم به من عند ربهم.

  * * * * *


(١) سؤال: هل المراد بالمكان البعيد في هذه الآية الدنيا أم كيف؟ لأنه لو كان الآخرة لكان رجماً بالغيب؛ لأنهم لا ينكرونها ذلك اليوم؟

الجواب: المراد بالمكان البعيد الدنيا.

(٢) سؤال: ما الذي يظهر في كون هذه الآية نهايةً لهذه السورة؟

الجواب: في الآية إيذان بانتهاء السورة وذلك من حيث إخباره بعاقبة أمر الكفار ونهايته وما صاروا إليه.