سورة فاطر
  وتعالى أن أمر عباده بيده سواءً كان ذلك خيراً أم شراً، وأن ما أراد لهم فهو كائن ولن يستطيع أحد أن يرد ما قضاه وأمضاه، وأنه إذا أراد بسط رزقه على أحد من خلقه فلن يستطيع أحد أن يحول دون ذلك أو يرفع تلك النعمة عنه.
  {وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٢} وما أمسك على أحد من خلقه من رحمته ورزقه فلن يستطيع أحد أن يفتح له باب الخير، فإذا أمسك المطر عن أحد فلن يستطيع أحد أن ينزله لهم غيره؛ لان ذلك بيده وحده فهو القوي الغالب على كل شيء.
  وكل ما يفعله الله سبحانه وتعالى من البسط والقبض وغير ذلك فإنما يكون لحكمة ومصلحة لعباده قد علمها في ذلك.
  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده ويأمرهم بأن يتذكروا نعمه الكثيرة عليهم في أنفسهم وفي أموالهم وأولادهم ليؤدوا حق شكره فإن الإنسان إذا ذكر نعمة المنعم عليه أقبل على شكره.
  ألا ترى أن من أحسن إليك وكثر إنعامه عليك فإنك ستتوجه إليه وتتحرى كل ما يرضيه وتتجنب كل ما يسخطه عليك، وتحرص أشد الحرص على ذلك؛ فكذلك الله سبحانه وتعالى فالمفترض عليكم أن تتذكروا نعمه عليكم وإحسانه إليكم في كل وقت؛ لأن ذلك سيعينكم على طاعته وفعل ما يرضيه.
  {هَلْ(١) مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
(١) سؤال: ماذا تعني «هل» هنا؟ وما إعراب: {مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}؟ وما محل جملة {يَرْزُقُكُمْ}؟ وما إعراب: {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ٣}؟
الجواب: معنى «هل» هنا النفي أي: ما من خالق غير الله. و «من» حرف جر زائد، وخالق: مجرور لفظاً مرفوع محلاً مبتدأ، وخبره محذوف أي: لكم. و «غير الله» صفة لخالق مرفوعة على محله، و «يرزقكم» في محل رفع صفة لخالق. «فأنى» اسم استفهام منصوب على الحالية أو مفعول مطلق، والتقدير: أيّ إفك تؤفكون.