سورة فاطر
  وفعلاً فقد أهلك الله تعالى المشركين وانتصر نبيه ÷ وظهر دينه على شركهم وباطلهم بعد أن قُتِل أولئك الذين وقفوا في وجه دعوته وصدوا عنها.
  {أَوَلَمْ(١) يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يستنكر الله سبحانه وتعالى على المشركين غفلتهم تلك وتمردهم وعنادهم، وكأنهم لم يعرفوا كيف كانت عاقبة أولئك الذين كانوا يتمردون على أنبيائهم؟ وكيف دمرهم الله تعالى وعذبهم واستأصلهم بسبب ذلك؟
  وذلك أن المشركين كانوا يمرون في طريق أسفارهم وتجارتهم على قرى تلك الأمم المهلكة ومساكنهم، كقرى قوم لوط وعلى ديار عاد، وعلى مدائن شعيب، ويرون آثارهم، وكانوا يعرفون أيضاً ما كان سبب تدميرهم وتعذيبهم بما كانوا يسمعون من أخبارهم، ويتتبعون من آثارهم، ولكنهم لم يعتبروا بهم، ولم يحذروا أن يحل بهم مثل ما قد حل بتلك الأمم من قبلهم.
  {وَكَانُوا(٢) أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فقد أهلكهم الله تعالى ودمرهم وهم أشد قوة من قريش، وأعظم بطشاً، وأكثر جمعاً منهم، فلا يستبعدوا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك القوم.
  {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ(٣) مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ٤٤} فلا يظن أولئك المشركون أنهم سيعجزون الله سبحانه وتعالى أو أنهم
(١) سؤال: ظاهر الاستفهام أنه هنا للتقرير طبقاً للضابط الذي قدمتموه، أم أنكم ترون صلاحه للاستنكار ويكون المستنكر عدم السير والنظر في عاقبة الذين من قبلهم؟
الجواب: الاستفهام للاستنكار، أو لتقرير ما بعد النفي.
(٢) سؤال: هل هذه الواو عاطفة؟ فعلام عطفت الجملة بعدها؟ أم غير عاطفة فما معناها؟
الجواب: الواو للحال وليست عاطفة.
(٣) سؤال: ما إعراب: «ليعجزه من شيء»؟
الجواب: اللام هذه تسمى لام الجحود أي لام النفي، وتأتي بعد كون ماض منفي لتقويته وتأكيده، وأن المصدرية مضمرة بعدها وجوباً. ويعجزه: منصوب بها والضمير مفعول به. ومن شيء: فاعل مجرور لفظاً مرفوع محلاً.