محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يس

صفحة 532 - الجزء 3

  إليهم ولا إلى آبائهم وأجدادهم من قبلهم.

  {فَهُمْ غَافِلُونَ ٦}⁣(⁣١) فهم غافلون عن شرائع السماء وعن الكتب والأديان، وأنت أول نبي إلى قريش، فلم يروا نبياً من عهد إسماعيل وإبراهيم، وقد مضى على ذلك العهد مئات السنين.

  {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧}⁣(⁣٢) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن أكثر قريش قد حق عليهم العذاب وقد استوجبوه، فلا يتوقع منهم الإيمان بعد الآن فلن يؤمنوا أبداً.

  {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ٨} مَثَلٌ ضربه الله سبحانه وتعالى ليشبه حال المشركين في عدم نفاذ الدعوة إليهم وعدم رغبتهم في التخلص من شركهم وضلالهم بمن غلت يداه إلى عنقه وأحكم غله، وصار وجهه مرفوعاً إلى السماء بسبب إحكام الغل، فمن كان في هذه الحالة فلا


= من الضلال والشرك؛ لوجود دين إبراهيم بين أظهرهم ممثلاً في آباء النبي ÷ وفي غيرهم كقس بن ساعدة. وحينئذ فالمراد بقوله: {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} أي: لم يأتهم نبي من بعد إبراهيم وإسماعيل @ إلى أن بعثك الله إليهم نذيراً أي: أن ما بين مبعثك وبين إسماعيل وإبراهيم فترة طويلة لم يبعث الله فيها نذيراً إليهم، إلا أن حجة الله قائمة عليهم في تلك الفترة الطويلة كما ذكرنا.

(١) سؤال: ما الوجه في عطف الجملة الاسمية «فهم غافلون» على الفعلية قبلها؟

الجواب: لا يلزم مراعاة التناسب بين الجمل المتعاطفة بالفاء.

(٢) سؤال: إذا قيل بأن استيجابهم للعذاب مؤثر في عدم إيمانهم لإفادة الفاء التعقيب والسببية في قوله: {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧} فبماذا يجاب عليهم؟

الجواب: التوغل في الفسوق والتمرد على الله سبب في عدم التوفيق للتوبة بدليل: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ٧٧}⁣[التوبة]، فقوله: {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧} هو مسبب وناتج عن توغلهم في الكفر والفسوق والعصيان، وليس عن إخبار الله باستيجابهم للعذاب، فإخبار الله تعالى بذلك إنما هو بسبب ما ذكرنا من توغلهم في الكفر والفسوق.