محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة ص

صفحة 623 - الجزء 3

  فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٧٢} وذلك أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى ملائكته بأنه سيخلق بشراً من الطين، وأمرهم بالسجود له عندما ينفخ فيه الروح. ومعنى «سويته»: عدلت خلقته وهيأته لنفخ الروح.

  {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٧٣⁣(⁣١) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٧٤ قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ⁣(⁣٢) لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ٧٥} فامتثل الملائكة لأمر الله سبحانه وتعالى إلا إبليس فقد استكبر على الله تعالى، وترفع عن الامتثال لأمره، واعترض على إرادة الله تعالى ومشيئته، فسأله الله سبحانه عن السبب المانع له عن السجود والامتثال.

  {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ٧٦}⁣(⁣٣) هذا هو جواب إبليس على الله تعالى، فاستنكر كيف يسجد لمن هو أقل شأناً منه، وهو بجوابه هذا إنما يعترض على الله سبحانه وتعالى في مشيئته وإرادته.

  {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا⁣(⁣٤) فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ٧٧ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ٧٨}⁣(⁣٥)


(١) سؤال: من فضلكم ما فائدة التوكيد بقوله: «أجمعون»؟ بعد التوكيد بـ «كلهم»؟

الجواب: فائدته لإبانة التوكيد فهو بمثابة التكرير: كلهم كلهم.

(٢) سؤال: ما موضع المصدر «أن تسجد» من الإعراب؟ مع بيان تناسب معناه بما قبله؟

الجواب: موضعه الجر أي: ما منعك من السجود.

(٣) سؤال: يقال: ما الوجه في فصل جملة {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ٧٦

الجواب: الوجه فهو كون هذه مستأنفة لبيان العلة أي في جواب سؤال مقدر عن العلة.

(٤) سؤال: ما المسوغ لعود الضمير في «منها» إلى غير مذكور؟

الجواب: المسوغ لذلك هو تقدم ذكر ما يدل على الجنة وهو ذكر خلقه لبشر من طين.

(٥) سؤال: إذا كان معنى اللعن لإبليس الطرد من رحمة الله فما علة الإتيان به مرة ثانية؛ إذ قد تقدم مفهومها في قوله: «رجيم»؟ وما المراد باستمرار اللعنة إلى يوم الدين؟

الجواب: كأن المراد بقوله: «وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين» أنك مدعو عليك باللعن إلى يوم الدين أي: يستمر لعنه إلى يوم الدين، فإذا جاء يوم الدين عذبه الله تعالى في نار جهنم عذاباً ينسى معه اللعن.