سورة الزمر
  {قُلْ تَمَتَّعْ(١) بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ٨} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ هنا أن يخبر هؤلاء المشركين بأن الله سبحانه وتعالى سيجازيهم عما قريب، وأن أيامهم في الدنيا ليست إلا معدودة يمتعهم الله سبحانه وتعالى فيها، ثم إن مصيرهم إلى النار بعد ذلك خالدين فيها أبداً.
  {أَمَّنْ(٢) هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ثم استنكر الله سبحانه وتعالى على المشركين ما يلزم من إنكارهم للبعث من التسوية بين الذين أفنوا أعمارهم في طاعة الله تعالى عاكفين على عبادته ليلاً ونهاراً خوفاً من الله تعالى ومن عقابه، وطمعاً في ثوابه ورضاه، وبين الذين ضيعوا أعمارهم في اللهو والفساد في الأرض وعبادة الأصنام؛ فلا بد أن يكون هناك حياة أخرى يجزي الله فيها المحسنين على إحسانهم ويعاقب المسيئين على إساءتهم وتمردهم، وأن الأمر لو كان كما يظن المشركون المنكرون للبعث والحساب لكان الله سبحانه وتعالى ظالماً، ولكان خلقه لهم عبثاً، وذلك لا يجوز على الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ومعنى «قانت»: مطيع منقاد لله. ومعنى «آناء الليل»: ساعاته.
(١) سؤال: ما السر في الإتيان بصيغة الأمر «تمتع»؟ وما إعراب «قليلاً»؟
الجواب: جيء بصيغة الأمر لأجل التهديد. «قليلاً» مفعول مطلق بالنيابة أي: تمتعاً قليلاً، أو ظرف أي: زمناً قليلاً.
(٢) سؤال: علام عطف هذا؟ وما إعراب «من» في قوله: {مَنْ هُوَ قَانِتٌ}؟ إن كان مبتدأ فأين خبره؟ وهل لذلك ضابط؟ وما محل جملة: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ ..}؟
الجواب: على قراءة التشديد فتكون «أم» للعطف على محذوف مقدر أي: الكافر خير أم من هو قانت. ومن قرأ بالتخفيف فالهمزة للاستفهام الاستنكاري، و «من» مبتدأ، «هو قانت» صلة الموصول، والخبر محذوف تقديره: كالكافر. «يحذر الآخرة» في محل نصب حال.