محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 7 - الجزء 4

  {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا⁣(⁣١) سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ٧} بعد أن أثنى الملائكة على الله سألوه أن يغفر لكل من رجع إليه، وندم على ما سلف منه من المعاصي والذنوب واتبع آياته وشرائعه وأحكامه.

  {رَبَّنَا⁣(⁣٢) وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٨}⁣(⁣٣) ثم دعوُا الله سبحانه وتعالى للمؤمنين بأن يدخلهم في مستقر رحمته ودار كرامته، والعزيز هو القوي الغالب لكل شيء، والحكيم هو الذي جميع أفعاله مبنية على الحكمة، وقد أراد الله سبحانه وتعالى أنه لن يُدْخِلَ الجنةَ إلا من استحق دخولها بما عمل من الأعمال الصالحة؛ لأنه خلاف الحكمة لو أدخل الجنة أولئك العصاة المتكبرين عليه الذين ماتوا وهم مصرون على معاصي الله.


(١) سؤال: هل يؤخذ من هذا أنه لا يجوز الدعاء لمن لم يتبع شريعة الله سبحانه أو يسر في طريقة أهل العدل المحقين؟

الجواب: الذي يؤخذ من هنا أن الدعاء يكون للتائبين الذين ساروا في طريق الهدى دون غيرهم، ويؤخذ تحريم الدعاء لغير المؤمنين التائبين من قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}⁣[التوبة]، فيؤخذ من هذه الآية أنه لا يجوز الدعاء لأصحاب النار وهم كل من توعدهم الله تعالى بالنار في القرآن الكريم أو لمن تبين أنه معاند لله ولدينه وللحق والمحقين {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ ...}.

(٢) سؤال: ما فائدة تكرير المنادى هنا؟

الجواب: الفائدة هي استعطاف الرب من حيث أن في «ربنا» إظهار عبودية الداعي وربوبية المدعو، وفي ذلك اعتراف الداعي بالفقر والحاجة والعجز.

(٣) سؤال: يقال: ما الذي استفاده آباء هؤلاء وأزواجهم وذرياتهم إذا كان دخولهم الجنة مقيداً بصلاحهم كما هو نص الآية؟

الجواب: الذي يستفيده هؤلاء بدعاء الملائكة هو مثل الذي يستفيده المشفوع له بشفاعة النبي ÷ أي: أنه من جنسه أي: هو زيادة الفضل ورفع الدرجات.