سورة غافر
  إليه بأنهم قد أقبلوا عليه الآن مقرين ومعترفين بذنوبهم التي سلفت منهم، ويطلبون منه أن يردهم إلى الدنيا ليعملوا الأعمال الصالحة ويعوضوا ما فاتهم إن أراد أن يتفضل عليهم بذلك.
  والحياتان: هي إحياؤهم في الدنيا أولاً، وبعثهم وإحياؤهم بعد الموت مرة ثانية. والموتتان: هي موتة النطف، والثانية هي الموت بعد الحياة الدنيا(١).
  {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ(٢) وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} ثم تخبرهم الملائكة بأن سبب ما صاروا فيه هو أنهم كانوا إذا دعاهم الأنبياء والرسل إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام فإنهم يعرضون ويتمردون، أما إذا دعاهم أحد إلى الشرك بالله تعالى وعبادة الأصنام فإنهم يستجيبون له، ويؤمنون بما دعاهم إليه، مستبشرين بدعوته.
  {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ١٢} وقد أصبحتم الآن بين يدي الله سبحانه وتعالى وهو الذي سيحكم بينكم ويحاسبكم.
  {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ} بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى حالة المشركين في الآخرة رجع إلى تذكيرهم بآياته التي يبثها لهم في الدنيا، فأخبرهم بأنه الذي يرسل لهم آياته الدالة عليه وعلى عظمته وقدرته وعلمه وحكمته.
  {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا}(٣) وهو الذي بيده رزقهم، وذلك بما ينزله
(١) سؤال: إذا كان الموت عرضاً تسلب معه الحياة من الحي فكيف يطلق على العدم بأنه إماتة؟
الجواب: الإماتة هنا هي مجاز؛ إذ لم تكن النطفة حية؛ فإطلاق الإماتة عليها هو إطلاق مجازي.
(٢) سؤال: ما إعراب: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ}؟
الجواب: «ذلكم» مبتدأ والجار والمجرور بعده متعلق بمحذوف خبر المبتدأ والجملة الشرطية خبر «أن».
(٣) سؤال: فضلاً ما السر في تنكير قوله: «رزقاً»؟
الجواب: قد يكون السر في تنكيره هو التعظيم للرزق، وما أحقه بالتعظيم لأن حياة البشر والحيوانات قائمة عليه.