سورة غافر
  {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٨٣} فعندما أرسل الله سبحانه وتعالى إليهم رسله يدعونهم ويحذرونهم وينذرونهم - اغتروا بما عندهم من الملك والقوة والكثرة(١) فتمردوا على أنبيائهم، وكذبوا بهم، فأحاطت بهم أعمالهم فاستحقوا عذاب الله تعالى، ونزل عليهم سخطه، ولم تغن عنهم قوتهم تلك شيئاً مما نزل بهم؛ فقريش - وهم أضعف منهم وأقل جمعاً - يجدر بهم أن يعتبروا، ولا يغتروا بأنفسهم حتى لا يحل بهم مثل ما حل بمن كان قبلهم.
  {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ(٢) مُشْرِكِينَ ٨٤} فلما رأت تلك الأمم المكذبة نزول عذاب الله بهم وحلوله عليهم أعلنوا إيمانهم بالله وحده وتبرأوا من عبادة غيره.
  {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}(٣) ولكن إيمانهم ذلك لن ينفعهم فقد انقطع الأمل والرجاء، وأغلق باب التوبة؛ لأنهم أصبحوا في حكم المضطرين والملجأين(٤) إليه إذ قد رفع التكليف وحان العقاب.
(١) سؤال: ما الوجه في التعبير بفرحتهم بالعلم عن اغترارهم بما هم فيه من القوة والكثرة؟
الجواب: الوجه هو أن قوله: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} ترجمة للغرور وتفسير له.
(٢) سؤال: هل «ما» في قوله: «بما كنا به» موصولة؟ وما هي الباء في قوله: «به»؟
الجواب: «ما» موصولة والدليل العائد إليها «به»، والباء للتعدية ومعناها الإلصاق.
(٣) سؤال: فضلاً ما إعراب: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}؟ وكذا قوله: {سُنَّةَ اللَّهِ}؟
الجواب: «يك» فعل مضارع ناقص واسمها ضمير «إيمانهم» أو إيمانهم، وجملة «ينفعهم» خبر «يك». «لما» ظرف بمعنى حين متعلق بـ «ينفعهم». «سنة الله»: مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة التي قبله.
(٤) سؤال: هل أخذ أئمتنا من هنا أن توبة الملجأ وكذا المصاب بمرض لا يعيش معه لا =