محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فصلت

صفحة 46 - الجزء 4

  به والعمل بأحكامه وشرائعه أكثر الناس، ورفضوا أن يستجيبوا له أو يؤمنوا به، وأصروا على كفرهم وضلالهم.

  {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا⁣(⁣١) تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} يريد المشركون أن يقنعوا النبي ÷ ويحسموا طمعه في إيمانهم به والتصديق بما جاء به، وأنه مهما حاول فيهم فلن يقبلوا منه أو يستمعوا إليه، وأنهم كافرون بما جاء به، وقالوا: إن قلوبهم مغلفة بأغطية محكمة لا ينفذ إليها شيء من دين النبي ÷ الذي يدعوهم إليه. والمراد بقوله «وفي آذاننا وقر»: أي: صمم.

  {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} وقالوا له ÷: إن بيننا وبينك حاجز يحول بيننا وبين ما تدعو إليه فلا تتعب نفسك في الدعوة لنا.

  {فَاعْمَلْ⁣(⁣٢) إِنَّنَا عَامِلُونَ ٥} يتحدون بذلك النبي ÷، بأن يعمل جهده في إزالة شركهم وباطلهم فهم لن يألوا جهداً في نسف دينه، وإبطال دعوته وحربه.

  {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}⁣(⁣٣) ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبرهم بأنه ليس إلا بشراً مثلهم ومن جنسهم غير أن الله سبحانه وتعالى تفضل عليه بالنبوة والوحي، وأن يخبرهم أيضاً بأن الله سبحانه وتعالى أمره أن يبلغهم أنه لا إله في السماوات والأرض إلا إله واحد الذي هو الله رب العالمين وحده لا شريك له فليخلصوا في عبادتهم له، وليتركوا تلك الآلهة التي يعبدونها من دونه.


(١) سؤال: بماذا تعلق الجار والمجرور «مما»؟ وما معنى «مِنْ» هنا؟

الجواب: الجار والمجرور متعلق بمحذوف أي: تمنعنا مما تدعونا إليه. و «من» لابتداء الغاية.

(٢) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟

الجواب: الفاء هي الفصيحة أي: إن عرفت ما قلنا فاعمل ...

(٣) سؤال: الظاهر تعدية الفعل «استقيموا» باللام هكذا «له» فما الوجه في تعديته بـ «إلى» كما في الآية؟ أم أنها بمعناها؟

الجواب: قد يكون «استقيموا» مضمناً معنى «توجهوا» فعدي تعديته.