سورة فصلت
  {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ١٥} ثم استنكر الله سبحانه وتعالى عليهم ذلك، فكيف لم يتفكروا في أمر خالقهم؟ وأنه لا بد أن يكون أقوى منهم وإلا لما استطاع خلقهم وإيجادهم؟ غير أن طبيعتهم هي الجحود والتكذيب بآيات الله سبحانه وتعالى، والتكبر عليه وعلى أنبيائه.
  {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ثم إن الله سبحانه وتعالى أرسل على عاد ريحاً لها صوت وصفير من شدة سرعتها وقوتها، وقد مكثت فيهم سبع ليال وثمانية أيام حتى أبادتهم ودمرت مساكنهم وما يملكون. ومعنى «أيام نحسات»: أيام شؤم وبؤس.
  {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ١٦} ولا يزال ينتظرهم العذاب الشديد في نار جهنم خالدين فيها وبئس المصير جزاءً على كفرهم وتكذيبهم وتمردهم، فإذا نزل بهم العذاب وحل بساحتهم فلن يستطيع أحد أن يدفع عنهم أو يحميهم، وقوتهم تلك التي كانوا يعتزون بها ويفتخرون لن تغني عنهم من الله شيئاً.
  {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}(١) وأما ثمود فقد هداهم الله سبحانه وتعالى بأن أرسل إليهم صالحاً # يدعوهم إلى الهدى ويدلهم عليه، ولكنهم رفضوا ذلك الهدى الذي جاءهم به، واختاروا الجهل والضلال على نور الحق والهدى.
  {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٧ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ١٨} فبسبب كفرهم وتكذيبهم وتمردهم على أنبيائهم أنزل الله سبحانه وتعالى بهم عذابه بأن أرسل عليهم صاعقة من السماء أهلكتهم واستأصلتهم جميعاً.
(١) سؤال: يقال: من أي ناحية كانت هذه الآية العظيمة هادمة لمذهب الجبر؟
الجواب: قوله تعالى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} نص قاطع على أنهم اختاروا العمى على الهدى فيدل ذلك على أنهم مختارون فيما فعلوا غير مجبرين، وهذا دليل نصي واضح غير محتمل للتأويل.