سورة الزخرف
  الأرض الميتة التي قد يبست وتفتت نباتها وتطاير، فتكتسي بالخضرة، وتحيا من جديد، فكما يحيي الله سبحانه وتعالى تلك الأرض الميتة فكذلك يحيي العظام التي قد يبست وتفتتت(١).
  يريد الله سبحانه وتعالى بذلك أن ينبه المشركين ويبعثهم على الاعتراف بحقيقة ما ينكرونه ويستبعدونه من البعث بعد الموت، فلا يكون لهم أي سبيل إلى إنكار ذلك أو استبعاده بعد استيضاحهم للدليل.
  {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} وهو وحده الذي خلق جميع أصناف المخلوقات بقدرته وعلمه، وعلى وفق ما تدعو إليه الحكمة والمصلحة.
  {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ(٢) مَا تَرْكَبُونَ ١٢ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ(٣) ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا
= محذوف مؤكد لتخرجون، أي: تخرجون إخراجاً كذلك الإخراج الذي ترونه في الأرض الميتة بعد نزول المطر عليها.
(١) سؤال: هل هذه الآية صريحة في القياس العقلي؟ وكيف تكون حجة على القياس الشرعي؟
الجواب: قد كرر الله تعالى هذه الحجة في كتابه الكريم وهي من باب الاستدلال بالقياس العقلي، وبثبوت حجية القياس العقلي تثبت حجية القياس الشرعي؛ لأنهما جنس واحد لا فرق بينهما.
(٢) سؤال: هل قوله: {مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ} يفيد أن بعض الأنعام لا ينبغي الركوب عليها؟ وكيف التبعيض في الفلك؟
الجواب: «من» ليست للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس المبهم في قوله: «ما تركبون».
(٣) سؤال: فضلاً هل قوله: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} من جملة العلة أم أنها تمهيد وتوطئة لما بعدها؟ وما الحكمة في عطف ما بعدها بـ «ثم» وكان من حقه الفاء؟
الجواب: «لتستووا ..» هو من جملة العلة بدليل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}[النحل: ٨]، وعطف ما بعدها بـ «ثم» لينبه على أن ما بعدها هو الأهم الأعظم مما قبلها أي: أن الله تعالى خلق ما خلق من الأنعام لغرضين لنركبها ... هذا هو الأول، ولنذكر الله ونشكره، وهذا هو الغرض الثاني، فثم تدل على أن الغرض الثاني هو الغرض الأهم والأعظم.